وشهد شاهد من أهلها ..!
لطالما نبهت الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عبر مقالاتها المتعددة، المنشورة على صفحات لسان حالها المستقلة بريس الإلكترونية، وكذلك خلال الندوات والموائد المستديرة التي نظمتها على الصعيد الوطني إلى خطورة التلاعب ببطائق الصحافة المهنية التي تمنحها الوزارة الوصية على قطاع الاتصال، ولكن لم تجد صيحاتها الآذان الصاغية والاهتمام اللازم، وظل الحال على ما هو عليه، واستمر الحرس القديم المعسكر في الوزارة في استخدام المزاج والارتجالية دون اكتراث لما يترتب من عواقب سلبية على إثر توزيع هذه البطائق يمنة ويسرة دون حسيب ولا رقيب، إلى أن جاء السيد محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال، والذي قادته مؤخرا فطنته وذكاؤه إلى اكتشاف وجود التلاعبات المشار إليها، والخروقات التي تشوب عملية منح البطائق المذكورة، بحيث وقف -كما جاء في بعض الصحف- على أن أشخاصا ينتمون إلى حقل التربية والتعليم يتوفرون على بطائق الصحافة المهنية.
بقدر ما نفتخر في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بالسبق الصحفي الذي كنا نود من ورائه تصحيح الأخطاء، و وضع حد لكل من تسول له نفسه تكريس الريع الإعلامي في الوسط الصحفي والإعلامي الوطني، بقدر ما يشرفنا أن ننهي إلى العلم الكريم للسيد الوزير، أن فئة رجال التعليم التي تم اكتشافها مؤخرا، و المتوفرة على بطاقة الصحافة المهنية، ما هي إلا الشجرة التي تخفي الغابة، بحيث أن هناك أشخاص كثيرون آخرون يتوفرون على البطائق المعنية، رغم أنهم لا تربطهم أي صلة بمجال الصحافة والإعلام، بل منهم من يكون في غالب الأحيان بدون مستوى تعليمي، و لا موهبة، أو كثيرا من لا تكون لهم البتة أي علاقة بمجال القراءة والكتابة، فبالأحرى التوفر على الخبرة المهنية اللازمة أو دبلوم مهني، وهذه من القضايا التي كانت ولازالت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تؤكد على وجودها في المشهد الصحافي والإعلامي، ومن أجلها كانت تطالب بإلغاء هذه البطاقة التي تسلمها الوزارة كبديل عن البطاقة المهنية الحقيقة التي تربط الصحفي بالمؤسسة التي تشغله، ورغم هذا وذاك، فإن الفئة المشار إليها أعلاه تمنح لها بطاقة الصحافة المهنية على أساس الشرط الذي سنته الوزارة منذ القدم، والمتمثل في إدلاء المرشح للحصول على البطاقة فقط بوثائق إدارية، بدل إخضاعه لاختبار في الأجناس الصحفية، تحت إشراف لجنة مشكلة من مهنيين متمرسين مشهود لهم بالكفاءة المهنية والنزاهة.
على إثر هذا الاكتشاف، الذي يعد من تركات الماضي السيئ الذكر، حبذا لو استمعت وزارة الثقافة والاتصال إلى صوت الحق ورفعت اليد عن بطاقة الصحافة المهنية، وتركت الأمر لأهله .. مديري الصحف والمواقع الإلكترونية الإخبارية القانونية، الذين هم المؤهلين مهنيا والمسؤولين الأولين عن التعريف بالعاملين في مؤسساتهم الصحفية، والذين يتحملون مسؤولية منح هذه البطائق التي يجب أن يصرح رسميا بأحقيتهم في منحها، بدل فرض الأمر الواقع وإلزام المهنيين بضرورة التوفر على بطاقة الصحافة المهنية التي تسلمها وزارة الثقافة والاتصال.
وهكذا، يكفي الوزارة الوصية على قطاع الاتصال شر وزر ما يستشري من فساد في ميدان الصحافة والإعلام الوطني، وهكذا أيضا يمكن أن تجري السفن بما تشتهيه الرياح وتحدد في آخر المطاف المسؤوليات، في حين يبقى من حق وزارة الثقافة والاتصال إصدار بطاقة الصحافة المهنية فقط لموظفيها الذين هي مسؤولة عن صرف أجورهم في متم كل شهر، وتعرف عن قرب مؤهلاتهم واستحقاقهم لنيل شرف الحصول على هذه البطاقة السحرية التي تسيل اللعاب.