عبد الصمد لفضالي
إن وصف أحمد عصيد عضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بالعلماني و الحقوقي لا يمت بأي صلة بواقع تفكيره الحقيقي، فالأصل في العلمانية هو فصل الدين عن السلطة مع حرية الفكر و احترام المعتقد، و صاحبنا لا يشبع نهمه إلا بمناهضة الإسلام و مناصرة كل ما يناقض الفطرة من شذوذ جنسي و إلحاد و ميوعة و تمييع، أما ما يتعلق بحقوق الإنسان، فقد جاء في المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بأن ” كل إنسان له الحق في التمتع بكافة الحقوق و الحريات دون تمييز العنصرية أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي “، بينما أحمد عصيد لا يجد راحته إلا في إثارة النعرة العرقية بين المغاربة، و كل هذه التصرفات البئيسة تتناقض مع المنطق الذي هو أساس مادة الفلسفة التي يدرسها أحمد عصيد، لأن الأصل في الفلسفة هو البحث عن الحقيقة بكل حياد و بدون انحياز، و صاحبنا عصيد لا يستطيع التنفس بدون نعرة عرقية، أما العربية التي تقض مضجعه رغم أنه يكتب بها، و لولاها لما قرأ خرافاته أحد، فإنها ملك لجميع المسلمين ليتدبروا بها الإسلام، هذا بالنسبة للمقدمة، أما الموضوع، فهو كلما مررت على مقال من مقالات أحمد عصيد، ابتداء من مقاله الأخير تحث عنوان ” لماذا لا يحسن المسلمون الدعاية لرأس السنة الهجرية ” ..؟ إلا و استنتجت بأن هذا الشخص لا هم له إلا مناهضة الإسلام، و كل ما يتعلق به من لغة و تاريخ وهوية .
إن هذا ” المفكر ” يحاول تصوير المسلمين بأنهم قوم ضد احتفالات غير المسلمين .. خصوصا، احتفالات رأس السنة الميلادية، في حين أننا كمسلمين نتبادل التهنئة مع أصدقائنا المسيحيين .. ولكن، نحن ضد ما يقع في احتفالات رأس السنة الميلادية من حوادث السير و الاغتصاب و نقل الأمراض المعدية وجرائم بسبب شرب المسكرات و استهلاك المخدرات، مما لا يقع و لو بنسبة ضئيلة طيلة شهر رمضان المبارك .
إن أحمد عصيد يركب على ” فكر ” و خرجات شيوخ الظلام من ” الإسلاميين ” و سذاجة بعض الدعاة لتشويه الإسلام، و يتحاشى عن سوء نية، الفكر الإسلامي التقدمي و التعايشي و التسامحي، تحث مظلة الدفاع عن الأمازيغية و ربطها بالنعرة العرقية، لخلق التصادم بين مكونات المجتمع الواحد .
إن الأمازيغية لا تحتاج إلى من يدافع عنها، فهي مكون من مكونات الهوية المغربية .. و خصوصا، من أمثال أحمد عصيد الذي يسير هو و أمثاله بأطروحاتهم ضد التيار، و ينفرون الناس في كل ما يتعلق بخطابهم البئيس المناهض للإسلام، لأن الأغلبية الساحقة من المغاربة متشبثون بالهوية الإسلامية ( عربية-أمازيغية ) و لا يعيرون أي اهتمام للعنصرية العرقية، فأحمد عصيد و أمثاله لا يمثلون أي شيء بالنسبة للمغاربة لا عددا و لا أهمية .. فعوض أن يتطرق هذا ” الفيلسوف العبقري ” إلى المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و كل ما يتعلق بالتصنيع و التكنولوجيا، كما يفعل مفكرو المجتمعات المتقدمة، يرجع بنا ” المفكر ” عصيد إلى ما قبل القرون الوسطى، جاهلا بأن المراكز العلمية و معاهد الأبحاث الفضائية في الدول الراقية، يجتمع فيها علماء من مختلف الأعراق تحت جنسية وطنية واحدة، إن الإتحاد الأوروبي ليس علينا ببعيد ( 28 دولة ) بأعراق و لغات مختلفة تحت قبة برلمان أوروبي واحد و اقتصاد متناسق و عملة أوروبية ” الأورو “، وجيش مستقبلي موحد .. كما أن المجتمع الإسرائيلي الذي ينتعش منه كراكيز النعرة العرقية، يرتكز في وحدته على يهودية الدولة و اللغة العبرية، رغم الثقافات المختلفة و اللغات المتباينة لليهود الذين استوطنوا فلسطين قادمين إليها من جميع أصقاع العالم .. و مرورا بمقالة لأحمد عصيد تحت عنوان ” الأسئلة الصعبة في الإسلام ” يقول فيها، بأن ما كان يعرف بالعصر الذهبي في الإسلام و هو مرحلة النبوة و الخلفاء الراشدين، كانت مرحلة حروب و اقتتال و لم تكن مرحلة سلم و حضارة، حسب قوله، كما دعا في مقالته المسلمين إلى الاعتراف بأن المشكل ليس في المسلمين فقط، بل يكمن – حسب مبلغ علمه – في صميم الدين الإسلامي، في حين نسي أحمد عصيد أن الإسلام هو أول من تحمل عمليا عبء تحرير الإنسان من العبودية .. و خصوصا، العبودية الفكرية .. و من أجل ذلك، فرض عليه التصادم مع أسياد و أشراف قريش الذين لم يستسيغوا تحرير عبيدهم و مساواتهم معهم، و خارجيا اصطدمت الدولة الإسلامية الفتية مع الإمبراطورتين العملاقيتين آنذاك، الفارسية و الرومانية اللتين كان أباطرتها يتوهمون بأن العباد خلقوا ليكونوا لهم عبيدا، فالإسلام هو الأصل فيما نراه اليوم من منظمات حقوقية .
إن ما يجب أن يعرفه أحمد عصيد هو أن أكبر إهانة للإنسان، هي تصنيفه حسب جنسه كما تصنف الحشرات في ” نظرية التطور ” .. فنحن مع الاختلاف و التعايش و التسامح و الحوار، وضد الكراهية، سواء كانت دينية أو عرقية أو طائفية، أما الإسلام الذي يتربصون به، فإن الشيوعية في أوجها لم تستطع النيل منه، حيث حاصرت الإسلام داخل و خارج الاتحاد السوفياتي السابق، وسنت قوانين لطمس الهوية الإسلامية و نشر الإلحاد و التهجير القسري و القتل ضد المسلمين، ( راجع كتاب ” أرخبيل غولاع ” للكاتب الروسي ألكسندر سولجينستين )، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991، عاد هؤلاء المسلمون بقوة إلى إسلامهم، كما أن الصهيونية حاربت بكل ما أوتيت من قوة اللغة العربية لتدميرها بهدف صرف الناس عن فهم و تدبر مقاصد القرآن الكريم، و لازالت تحارب العربية عبر أزلامها بكل فشل، و رغم أن الإسلام له رب يحميه، فإننا سنظل ندافع عنه، أما أحمد عصيد و رهطه، فإن خير ما نجيبه به ما قاله المغني الأمريكي الشهير بوب دايلن “the answer my freind is blowin in the wind ” ومعناها ” الجواب يا صديقي انفخ في البرد ” و هل يجدي النفخ في البرد .. ؟