حول تضخم الدعاية عن الإعلام الحر والمستقل والتلويح بالمتابعات القضائية ..!
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بقدر ما نؤمن بالاحتكام إلى القوانين في معالجة خلافاتنا وتجويد سلوكاتنا وحماية مصالحنا و حقوقنا، بقدر ما نشعر بالحاجة الدائمة إلى أن تكون هذه القوانين قادرة على ترجمة أهدافها في المناخ المجتمعي والمؤسساتي الكفيل بتفعيل نبل مقاصدها، لكن أن تكون مشروعية القوانين في مضامينها مفقودة، وتتضمن ما يستوجب تجويدها وغربلتها، كما هو حال القوانين الجديدة المتعلقة بالصحافة والنشر، وأن يخرج من صاغوها ومن سيكلفون بتطبيقها للدفاع عنها، فهذا ما يجعل هذا الإيمان بالقوانين والحاجة إلى إغنائها والارتقاء بها ضرورة ملحة من كافة الأطراف المعنية.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نرفض ما تضمنته القوانين من عيوب، والتي تستدعي التدخل العاجل قبل الشروع في تكبيقها .. ونظن أن رجال القضاء الأكثر حرصا على تطبيق القانون وفرض هيبته وسيادته في المجتمع لا يرضون أن يكونوا طرفا في هذا النزاع المفتوح بين الفاعلين والسلطة الحكومية التي أشرفت على صياغة هذه القوانين الجديدة التي لا تحظى بثقة وموافقة كافة المهنيين.
إننا نثق في رجال القضاء، في أن يكونوا دائما بجانب المظلومين .. خصوصا، في مجال الصحافة والإعلام الذي لا يزال يخضع في الكثير من جوانبه إلى ما يتعارض وقرينة الحرية والبراءة التي يجب أن يتمتع بها من يمارسها في جنح النشر والتعبير عن الرأي المخالف، التي تحررت الدول الديمقراطية منها لصالح حرية الصحافة والإعلام المواطن والمسؤول.
لن نذكر جميع الأطراف المعنية بالمسألة القانونية، أنه لا يزال مطلوبا الحوار حول المدونة بقوانينها الثلاثة .. ونعتقد أن ما عبرنا عنه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بشهادة السيد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال السابق، يجب الاستئناس به في إصلاح الأعطاب والاختلالات، بدل أن يستغل أعداء الصحافة وحرية التعبير هذه المنظومة القانونية للنيل من الفاعلين المهنيين .. وإن كانت الصحافة الإلكترونية قد أصبحت أكثر تطورا في وسائطها التقنية والمنهجية، فهذا لا يجب أن يتم التعامل معه بالعقلية الأمنية والقمعية، وأن يكون في مقدمة المدافعين عن الإعلام والصحافة رجال القضاء .. وما هذا الرفض للمهنيين لسياسة الأمر الواقع إلا في صالحهم حتى لا يجدوا أنفسهم مضطرين للتقيد بمنظومة قانونية لا تملك الشرعية في التطبيق.
إن استقلال القضاء وممارسته لمسؤوليته في إقرار العدالة والفصل في النزاعات في أجواء المحاكمة العادلة، لا نريد في الجسم الصحفي والإعلامي أن يحول هذا الاستقلال إلى أداة سلطوية قانونية ضد هذه الأهداف النبيلة التي يتطلع إليها جميع المغاربة من الاحتكام إلى القضاء لصيانة الحقوق ومعاقبة الخارجين عن القانون .. ونظن، أننا في الجسم الصحفي والإعلامي مؤمنون بما يمكن أن يقوم به القضاء لصالح الحرية والحق في الاختلاف في إطار المناخ الديمقراطي والدستوري، ونرفض ما يحاول بعض رجال القضاء التعبير عنه خارج هذا المنظور الذي نسعى إلى تكريسه في المشهد الصحفي والإعلامي، الذي يجب بالضرورة أن يكون مسؤولا ومهنيا ومواطنا وشجاعا في أداء مهامه الإخبارية والنقدية والتنويرية.