أين الحكامة في وقف ارتفاع أسعار الخدمات والمواد الاستهلاكية الأساسية ..؟
بعيدا عن الأحكام الخاطئة والجاهزة، ومن أجل تقدير الجهود المواطنة والمخلصة في أداء المسؤولية العامة، ينتصب أمامنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ما تقوم به وزارة الشؤون العامة والحكامة في مكافحة الاختلالات التي لا تزال تعترض تفعيل الحكامة في الاقتصاد الوطني في مجال التسويق الداخلي للخدمات والمواد الاستهلاكية الأساسية، حيث لا يزال تواضع تدخل هذه الوزارة، سواء في عهد الحكومة السابقة أو الحالية، اللهم إلا الاحترافية في لغة التبرير التي يتلقاها الرأي العام الوطني من وزراء هذه الحقيبة الحكومية .. ويحق لنا أن نسائل الوزير المعني عن خلفيات التقصير الملموس في احتواء ما يعانيه المواطنون في استهلاكهم اليومي، الذي تتجه فيه قوتهم الشرائية إلى الإعلان عن إفلاسها المطلق في مواجهة جحيم الارتفاع الصاروخي للأسعار.
إن جميع الإجراءات والتدابير التي تم اللجوء إليها في وزارة الشؤون العامة والحكامة، سواء في عهد حكومة عبد الإله بن كيران أو سعد الدين العثماني، لم تؤد إلى معالجة الأزمة التي يدفع ثمنها المحسوبون على الشرائح الفقيرة والمتوسطة في قوتهم الشرائية لتأمين حاجياتهم من المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات في القطاع الخاص، مما يطرح التساؤل عن طبيعة الحكامة التي تسهر عليها وزارتها حتى الآن، التي لم تتمكن من قبل أو في الوقت الحاضر من تفعيلها في تنظيم الأسواق الاستهلاكية والمؤسسات التي تقدم خدماتها دون مراعاة لدخول الفئات الاجتماعية التي تضطر إلى اللجوء إليها ..؟
إن أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات التي لا تخضع إلى من يتحكم في ارتفاعها وضبطها، وخضوعها لتجار السوق السوداء والمضاربات بالأسعار بدل السلطة الحكومية المختصة عبر سياسة الحكامة الفعلية في تحديد الأسعار وتموين الأسواق، ومحاربة الاحتكار وفرض الجودة والتنافسية، هي المسؤولة مباشرة عن هذه الفوضى الاقتصادية التي يتضرر منها المواطنون المغاربة في الأسواق الاستهلاكية ومؤسسات الخدمات الخصوصية .. وطالما لا يزال الرهان على المعالجات المناسباتية الغير فعالة التي تخدم في أهدافها اللوبيات المتحكمة في السوق، فإن الحديث عن الحكامة سيظل مغيبا .. وبالتالي، أن وجود هذه الوزارة سيصبح مجرد مرفق عمومي بدون أي فعالية، والاستمرار في الإنفاق عليه مجرد عبء مالي مكلف فقط.
لن نتحدث ياوزيرنا في الحكامة عن سياسة سلفكم التي كانت وراء إلغاء صندوق المقاصة وفرض قانون المقايسة التي يعاني منها المواطنون اليوم، الذي من دون شك أنه لم يتمكن طيلة وجوده على رأس وزارة الشؤون العامة والحكامة إلا لتكريس الانفلات في الأسعار وانعدام الجودة وتآكل القوة الشرائية لعموم المواطنين، والاكتفاء فقط بالخرجات الإعلامية والبرلمانية لتبرير فشله في تدبير الأزمة، والإبقاء على ضغوطها حتى الآن .. أما تدخلكم معالي الوزير لتأمين الاستهلاك في الأسواق وحماية القوة الشرائية نترك لكم الاستئناس ببيانات مندوبية التخطيط وبنك المغرب وتقارير المنظمات الدولية، وما تتوصلون به من تقارير مصالحكم الجهوية والإقليمية للوقوف على التراجع والتأخر الملموس في تدبير الوزارة لهذا الواقع الاقتصادي الاستهلاكي الراهن.