يوسف الإدريسي
لا أدري جيدا هل استوعب السيدان مولود مهرية ويوسف الرويجل النائبان عن إقليم اليوسفية وهما يرتديان عشية أمس اللباس التقليدي الرسمي أمام الملك الذي خاطبهما ضمن العديد من المنتخبين؛ (… أنتم مطالبون بالانخراط في الجهود الوطنية، بكل صدق ومسؤولية، لتغيير هذا الوضع، بعيدا عن أي اعتبارات سياسوية أو حزبية.
فالوطن للجميع، ومن حق المغاربة أن يستفيدوا من التقدم، ومن ثمار النمو …) المؤكد أنهما استمعا إلى ذلك، لكن هل استوعبا ما وراء العبارات، هذا ما لا يمكن أن نجزم به، لعدة اعتبارات أهمها طبيعة الرياح التي ساقتهما إلى قبة البرلمان، حين فرض بنكيران المهندس الفوسفاطي مولود مهرية من أعلى فوق، ضدا على ما أفرزته لجنة الترشيحات المحلية للحزب من أسماء نالت شبه إجماع من قبل المنخرطين المحليين، مما فرض وقتها أسئلة موضوعية حول واقعية هذا التنصيب وخلفياته الإملائية، علما أن المهندس مهرية ليس من مناضلي الحزب وليست له علاقات سياسية من شأنها جلب مشاريع للإقليم، فضلا عن أنه كان يقضي جل أوقاته بأوروبا لأسباب تجارية ويتردد في زيارات نادرة على المغرب .. أما بالنسبة للبرلماني الآخر يوسف الرويجل وإن كان من مؤسسي حزب الجرار بالإقليم، فهو لم يحظ بشعبية في أوساط اليوسفيين بسبب وجوده على رأس المجلس الحضري لمدينة الشماعية لمدة ست سنوات، دون أن تنعكس أموال الميزانيات على عاصمة احمر، كما أن الغلاف المالي الذي بلغ ثمانية ملايير من صندوق التجهيز الجماعي la FEC، لازال إلى حد الآن مثار نقاش في أوساط المتتبعين للشأن الإقليمي.
الأكيد أن هناك اعتبارات أخرى قد تؤكد أو تنفي فرضية أن برلمانيي اليوسفية لم يستوعبا الخطاب الملكي الذي دعا في ذات السياق إلى التحلي بالموضوعية، وتسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق حتى وإن اقتضى الحال الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي، بحسب نص خطاب الجالس على العرش والذي اعترف فيه بلهجة صارمة أمام الجالسين أمامه، كون النموذج التنموي للبلاد أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي (…) ما يعني أن أموال مبادرة التنمية البشرية ذهبت إلى غير مكانها المحدد سلفا، وهو الأمر الذي ينطبق على إقليم اليوسفية، وأكده في الإطار ذاته عامل الإقليم السابق حين أوقف دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال السنة الماضية، مما جعل المتتبعين المحليين يطرحون جذاذة من الاستفهامات حول أسباب هذا الإجراء المفاجئ، لا سيما أن هناك من رجح فرضية انزياح المبادرة عن أهدافها المسطرة من طرف الدولة، في وقت اعتبرها آخرون مجرد محاولة لإيقاف ريع المبادرة إلى حين. غير أن الملاحظ قبل قرار التوقيف وتحديدا إبان مرحلة 2010-2015، هو أن الإقليم شهد 419 مشروع باستثمار فاق مبلغ 167 مليون درهم ساهمت فيه المبادرة الوطنية ب 126 مليون درهم، إضافة إلى 148 مشروع وُصف وقتها بالتنموي، بلغت كلفته الإجمالية 90 مليون درهم وشملت، بحسب مصادر من داخل العمالة، قطاع الماء والكهرباء والطرق والصحة والتعليم… لكن دون أن نراها تمشي على الأرض.