إن ثبت فعلا أن رئيس جماعة الرتبة صدر في حقه حكم بثمانية أشهر سجنا نافذا و ثلاثة ملايين سنتيم كغرامة مالية، فلا شك أن هذا الحكم سيشكل صدمة ليس فقط له و لأسرته و معارفه، بل سيوصف بأنه حكم بحجم الانفجار العظيم الذي سيصل مداه إلى أبعد نقطة ممكنة من تراب هذا الوطن، و ذلك لأسباب عدة:
– أولا، مثل هذه الأحكام لم تصدر حتى في أكثر رؤساء الجماعات نهبا للمال العام، و استنزافا للثروات بكل أصنافها (برية و بحرية و بشرية…)، و تزييفا للواقع و إفراغا للمحطات الانتخابية من مضمونها و مقاصدها الدستورية و الحضارية.
– ثانيا، إن الحكم على السيد عبد الحق أبو سالم بهكذا حكم شبيه إلى حد ما بعرض أكثر التلاميذ اجتهادا و انضباطا و أنجبهم في القسم، أو حتى في المؤسسة ككل، على المجلس التأديبي/الانضباطي، في الوقت الذي يلعب فيه الكسالى و أصحاب “الكالة” دور الجمهور المصفق و المتشفي.
– ثالثا، كمتتبع لقضية اعتقال أبو سالم، المدعى عليه في هذه النازلة، لم أعرف بعد من هو الطرف المدعي و ما هو صك الإدانة .. بالمقابل، كثيرون هم أولائك الذين يعرف الناس جرائمهم و أدق تفاصيل مسلسل فسادهم، لكن، و مع ذلك، هم طلقاء، بل أكثر من هذا غالبا ما تمت ترقيتهم و تزيين واجهات الإعلام و المجلات بهم بصورهم و جبهاتهم..!
– رابعا، في أوج عطاءات المواطن الغيور، السيد عبد الحق أبو سالم، كنت أتكهن بأنه سيتم توشيحه بوسام ملكي في إحدى مناسبات تخليد ذكرى عيد العرش المجيد بملحقة عمالة إقليم تاونات، اعترافا للرجل بنجاحه في صنع صورة جديدة عن”المستسار / الرئيس الجماعي”، تلك الصورة التي طالما رسمتها الخطب و الرسائل الملكية كصورة مثالية تقطع مع الصورة السوداء التي ترسخت في ذهن المواطن و الناخب المغربي و التي ارتبطت بالسرقة و النهب و استغلال النفوذ و الاغتناء الغير المشروع.
من منكم لا يتذكر أو سالم و هو كالجندي المجاهد ينافح عن الغابات التي حاصرتها النيران بجبل ودكة، و يسعى جاهدا لصلة الأرحام عبر الحدود (قصة المواطنة التونسية، التي أبلغها مأمنها و عادت سالمة إلى الرتبة رفقة بنتيها و زوجها) ..؟ أذكركم هنا كذاك كيف ناب “سجيننا يوسف ” عن 2M و الأولى في تغطية حدث تأبين الجندي المغربي، و ابن دوار تاينست، الذي قتل في إفريقيا الوسطى ممثلا للعلم الوطني ضمن القبعات الزرق الأممية، فضلا عن مواقفه الإنسانية التي يضيق المجال لذكرها هنا.
أظن بأن هذه المواقف و الذكريات، و غيرها كثير، كافية لأن تقول لنا كيف أن أبو سالم رجل حر و طليق في ضمائرنا و ذكرياتنا، و أن السجن في حق هذا الرجل لا يعدو أن يكون نتيجة حسابات سياسية قادمة يتم ترتيبها من الآن.