*الدكتور إدريس البوخاري
لفت انتباهي الحادثة المؤلمة لجريمة الاغتصاب والتي تعرضت له الشابة الغريبة المريضة زينب بشكل جماعي من مجموعة من طرف أطفال في حافلة النقل الحضري مع الركاب المواطنين بالدار البيضاء، وهذا النوع من الجرائم أصبح مألوفا لانهيار منظومة القيم الأخلاقية، فأصبح بعض الآدميين عرضة لهذا النوع من الاعتداءات الوحشية واللاإنسانية.
ولم يفلت منه لا رضيع ولا رضيعة، لا طفل ولا طفلة في المنزل أو الشارع وحتى في حجرات المدرسة وعلى الأبواب عند الحراس وفي المحطات الطرقية ووسائل النقل الحضري والخاص والأماكن السياسية وغيرها حتى كاد المرء أن يفقد صوابه ويجهر بالسوء من جراء ما يمس البشر و الحيوان والنبات من أذى، فتساءلنا مع النفس والضمير في يقظتنا وعند نومنا عن أي سياق مجتمعي وأسري ومدرسي وجامعي نحن ذاهبون مع مراعاة المحيط الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
إن الدولة مسؤولة بمختلف مؤسساتها ومرافقها الإدارية والاقتصادية والتجارية والصناعية والفلاحية والاجتماعية والسياسية وجميع المؤسسات والبرلمان ومختلف القطاعات الحكومية والمدارس الحزبية والجمعيات والنقابات والأشخاص وعلى جميع المستويات والأصعدة.
الاغتصاب وهتك العرض :
الاغتصاب هو اتصال الرجل جنسيا بامرأة كرها عنها، ويختلف هتك العرض عن الاغتصاب، من عدة وجوه
1-الاغتصاب، من حيث أطراف الجريمة لا يقع الاغتصاب إلا على أنثى ومن رجل.
2-أما هتك العرض، فيقع على أي إنسان ذكرا كان أم أنثى، ولا يشترط القانون في هتك العرض صفة معينة في الجاني، فقد يقع من أنثى على أنثى أخرى أو على رجل.
ومن حيث محل الجريمة يشترط في الاغتصاب أن يقع في المحل المعد لذلك من جسم الأنثى، فإذا لم يحدث هذا الفعل بالذات أو لم يحصل الشروع فيه، فإن ما يرتكبه الجاني يخرج عن نطاق الاغتصاب، ولكنه يعد هتك عرض إذا بلغ درجة من الفحش .. وإذن يعد هتك عرض إتيان المرأة في غير الموضع الطبيعي والفسق بالذكور وكل ما دون الوقاع من الأفعال التي تجرح الحياء العرضي في المجني عليه.
ويعد وطء الصغيرة المميزة هتك متى وقع بالرضا وكانت دون الثامنة عشرة لأنها صورة تخرج عن نطاق الاغتصاب، ومن حيث الركن المعنوي فيتميز الاغتصاب أو الشروع فيه بنية الوقاع، أما هتك العرض فلا يشترط لمساءلة الجاني فيه غاية معينة، وإنما يكفي مجرد القصد العام، أي اتجاه إرادة الجاني لفعل معين مع علمه بأن هذا الفعل جارح لعرض المجني عليه لدرجة فحشه.
فما هي السبل الممكنة للقضاء على هذا النوع من الأورام الخبيثة المنتشرة داخل المجتمع الذي يمر بمرحلة عصيبة من تاريخه، وتكتوي بنارها العباد فتفقد العفة ويقل الشرف وتنهار منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية ويضعف الاقتصاد والتجارة وتحدث الفواحش التي لم تفلت منه المرأة المحصنة ولا عائلتها ولا الصديقات ( تامسنا النقود المزورة)
ولم يفلت منه الشباب الباكر في الشارع أو في الأماكن العامة والخاصة و في مختلف الفضاءات والساحات والحدائق والغابات، وغالبا ما يؤدي ذلك إلى الافتضاض والأضرار الصحية والعاهات المستديمة والأمراض المزمنة وارتكاب جرائم القتل وهتك العرض.
إن انعكاسات هذه الأفعال الإجرامية ذات الطبيعة البهيمية المنحطة لا تمس إلا أصحابها مهما تجبروا وطغوا وسعوا للفساد لابد أن يصابوا بخطر الإصابة بالداء العضال كالسل والسرطان والأمراض المتنقلة جنسيا و فقدان المناعة ( السيدا ) والجنون وهلاك الصحة والتأثير على مناعة المجتمع والحرص على سلامته اقتصاديا واجتماعيا وداخليا أو خارجيا.
وفي الغالب، ما يقع هذا النوع من الجرائم في مختلف الإدارات المغربية ولا يمكن استثناء أي إدارة كيف ما كانت في المغرب إلا وقد عرفت حالة من الحالات، فلا داعي لذكرها لعدة اعتبارات وطنية وعلمية وأخلاقية.
لذلك، أرجو من الدولة أن تؤسس جهازا خاصا ب ” العفة والأخلاق ” على غرار الهاكا ومحاربة الرشوة والمناصفة والشباب والمرأة، وغيرها، وغيرها من المؤسسات التي تحارب الفساد وتحمي الديمقراطية المجتمعية وتقوي مناعتها ضد كل من سولت له نفسه المساس بالمجتمع في أخلاقه وعفته ومناعته ودمقرطته وقوة مجتمعه.
فلذلك، لا يمكن أن ننسى هذا الجرد من الفضائح المسجلة عبر محطات تاريخية معينة، فلن ننسى جريمة الاغتصاب الجماعي لامرأة عجوز في كوخ وفي مدن مختلفة .. وجريمة الاغتصاب الجماعي لامرأة من طرف بعض المهاجرين السود في يوم الجمعة وهي تسقي لهم قصعة الكسكس في باب الدار بطلب من الزوج، مما نتج عنه تمزق المهبل وتراوحت نسبة العجز الطبي ستة أشهر .. ولن أنسى جريمة الفساد بمصاعد إحدى أكبر أبراج الدار البيضاء .. وفي السياسة وقضايا التحرش بإحدى مستشفيات الرباط، ويشاع أن ذلك في مختلف الإدارات وحتى الحاملة للسلاح، واحتجاز لشابات في مقتبل العمر في مدن مختلفة أو استخدامهن في الحمامات العصرية والفيلات المعدة للدعارة والفساد والملاهي الليلية وأماكن الاستجمام والخمر وقيام السهرات وفي المقاهي بالشيشة والمخدرات .
وفيديو إحدى الجماعات الحضرية الواسع الانتشار ( بحر 2017 )، وجرائم الكوبل 1 و2 وغيرها .
إن الوضعية الحالية لقيمة المرأة تميل نحو خدش سمعتها تعلو مكانتها، بل يجب اعتبار الأخلاق في الأول سلوك إنساني لا يمكن أن يوجد خارج حكم القيمة في المجتمع والتنشئة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي والمؤثرات المجتمعية والأسرية والمحيط الاقتصادي والاجتماعي والبيئي .
*متخصص في العلوم الإسلامية والفقه والقانون الوضعي والحديث
خريج دار الحديث الحسنية