أين المصداقية في تحمل المسؤولية والالتزام بالمواقف ياوزيرنا في الثقافة والاتصال ..؟!
رغم قناعتنا الثابتة في عدم التزام المسؤولين بمواقفهم في اللقاءات والاجتماعات مع ممثلي القوى السياسية والنقابية والجمعوية، فإننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حاولنا استبعاد هذه القناعة الثابتة في لقائنا الأول مع السيد وزير الثقافة والاتصال -قطاع الاتصال- يوم 15 يونيو 2017، واعتبرنا ما أكد عليه لنا فيما يخص الأزمة التي خلفتها القوانين الجديدة، من أن المواقع الإلكترونية المتوفرة على التصريح القانوني غير معنية بملاءمة أوضاعها مع القوانين الجديدة، إلى أن تملص من هذا الموقف في لقائه الثاني الذي جمعه يوم الأربعاء 26 يوليوز 2017، مع وفد الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حينما صرح بأنه ملزم بتطبيق القوانين الجديدة المصادق عليها برلمانيا والصادرة في الجريدة الرسمية.
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، واعون من أنكم السيد الوزير لا تملكون القدرة على الانتفاضة على القوانين المفروضة عليكم في المرفق الحكومي، خاصة القوانين التي تركها الوزير السابق، التي لم تحصل على الإجماع والتوافق من قبل كافة المهنيين في الصحافة والإعلام، وقد صدق صاحب الجلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش لهذه السنة 2017، حينما فضح سلوك الأحزاب المتعارضة مع دورها التأطيري والتمثيلي للمواطنين المنصوص عليه دستوريا، وعجزها على القيام بمسؤولياتها، سواء في الحكومة أو المؤسسات المنتخبة من خلال عدم ترشيح النخب القادرة على القيام بمهامها في هذه المؤسسات .. ونظن أنكم السيد الوزير في الثقافة والاتصال تقدرون هذه الحقائق التي أوضح جلالة الملك خطورتها على حاضر ومستقبل المغرب، ومن أنكم مطالبون بممارسة اختصاصاتكم الحكومية لصالح الفئات المستهدفة من خدماتها، والتدخل السريع لوقف مهزلة تطبيق هذه القوانين الجديدة للصحافة والإعلام، حرصا على المكاسب الحقوقية والتحررية التي كرستها دساتير الوطن، خاصة في هذه الفترة من تاريخ المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، الذي يريد مع شعبه الوفي ترجمة حقيقة المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي بفضله أصبح المغرب يوصف بالمجتمع الديمقراطي المتقدم في جنوب حوض المتوسط، ومن بوابة الإعلام والصحافة التي لا يزال ظهير سنة 1958، يصون حرمتها ويوفر لها شروط التقدم والتطور، بدل القوانين الجديدة المطعون فيها، التي لا تحظى حتى الآن بالتوافق من قبل الأطراف المعنية بها في المشهد الصحفي والإعلامي الوطني، والتي تأكد للجميع أنها تعاني من الكثير من الأعطاب والاختلالات في الكثير من موادها وفصولها وأبوابها، وأنها تعاكس إرادة المهنيين في التخلص من جميع القيود القانونية التي كانت تكبلهم في مجال الممارسة المهنية، والتي طعنت في شرعيتها حتى الأطراف النقابية التي شاركت في صياغتها في اللجنة العلمية، والواضح من التهديدات التي يواجهها الفاعلون اليوم من قبل النيابة العامة لتكريس مشروعية هذه القوانين الجديدة .. لاشك أن هذا هو الواقع الذي فرض نفسه عليكم وجعلكم تتنكرون للمواقف التي تعبرون عنها لمحاوريكم من ممثلي المنظمات التي استقبلتموها في الوزارة حتى الآن.
السيد الوزير المحترم، في الوقت الذي كان فيه الفاعلون ينتظرون انفراج الأزمة عبر طاولة الحوار لمعالجة المشكل المطروح المتعلق بالملاءمة الذي يضرب في العمق الظهير الشريف الصادر سنة 1958، المتعلق بالحريات العامة الذي سبق لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن أشرنا إلى ضرورة احترامه واستمرار العمل بمقتضياته، فيما يخص التصريح بإصدار الصحف والمواقع الإلكترونية، تمكنتم من مفاجئة الجسم الصحفي والإعلامي ببلاغ، يخبر أن لجنة على مستوى رئاسة الحكومة تضم خمسة قطاعات حكومية قد شكلت، ويرتقب أن تجتمع لتنزيل الإجراءات التي تهم الصحافة الإلكترونية، وتفعيل سلطتها في تطبيق مقتضيات القانون رقم 88/13، بالقوة، وفرض سياسة الأمر الواقع على الفاعلين، والعودة بهم إلى زمن الملاحقات القضائية التي جاءت بها القوانين الجديدة، بدل تفعيل قانون المجلس الوطني للصحافة أولا الذي سيعهد له القيام بمهام التأطير والتنظيم والفصل في المنازعات، لتهدئة الساحة الصحفية والإعلامية التي تغلي احتجاجا على ما تضمنه القانون من أخطاء ونواقص.
إن ما يحز في نفوسنا هو أن المصداقية في المواقف المسؤولة لم تعد متاحة في المسؤولين الحكوميين، وهذا مؤشر لا يبشر بالتحسن والتطور المرغوب فيهما في الأداء الحكومي، الذي يمكن القول من الآن أنه في طريقه إلى الاحتضار لانعدام الشجاعة في ممارسته بالنسبة لهؤلاء المسؤولين الحكوميين، وهذا ما لا نرضاه لنموذجنا المغربي في ظل التحولات والإصلاحات السياسية والدستورية التي يشهدها الوطن مع المصادقة على دستور 2011، فهل لكم السيد الوزير ما يمكن أن تبرروا به عدم الالتزام بالموقف الذي عبرتم عنه لنا في اللقاء الأول معكم ..؟ أم أن الأمور تجاوزتكم ولا تملكون إمكانية الالتزام بمواقفكم ..؟ وإن كنا نظن صراحة أنه بالإمكان عدم التملص من المواقف التي تعبرون عنها في الاجتماعات المسؤولة.
لسنا في موقع محاسبتكم السيد الوزير على التنكر للموقف الرسمي الذي عبرتم لنا عنه في اللقاء الأول، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، لأنكم لم تلتزموا به من خلال التوقيع الرسمي عنه، وهذا ما منحكم القدرة على الدفاع عن أنفسكم وتبرئة ذمتكم من أي مسؤولية أخلاقية أو قانونية، حول هذا الموضوع المثير للجدل وللاحتقان وسط المشهد الصحفي والإعلامي الوطني، الذي أصبح يفرض على المهنيين التعبئة والنضال بالوسائل القانونية المتاحة لحماية مصالحهم وحقوقهم التي داستها القوانين الجديدة، التي صيغت من طرف الحكومة السابقة التي قادها حزب العدالة والتنمية للنيل من حقوق الفاعلين في الصحافة والإعلام، جزاء المواقف المسؤولة التي عبروا عنها (المهنيون) اتجاه الأداء الحكومي بقيادة عبد الإله بن كيران الذي فشل في الالتزام بما كان يدعو له في برنامجه الانتخابي، والذي قضى فترة وجوده على رأس الحكومة السابقة في مواجهة العفاريت والتماسيح ودوائر التحكم فقط، الذين كان يخيف بهم خصومه وانتقادات الصحافة والإعلام لسوء أدائه الحكومي خلال فترة ولايته التشريعية السابقة.