مواقف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة الصارمة من مهزلة القوانين الجديدة للصحافة والإعلام
على إثر مسلسل الضجة والزوبعة والاحتقان الذي يعيش عليه المشهد الصحفي والإعلامي الوطني، وعلى إثر التلويح بالتهديدات بالعقوبات المتمثلة في الغرامات في حالة عدم امتثال الصحافيين والإعلاميين للقوانين الجديدة للصحافة والإعلام والذي انفردت فيه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بمواقف صارمة اتجاه هذه المرجعية القانونية والسلطات الحكومية التي تستدعي الصحفيين والإعلاميين لتبليغهم بالعقوبات المقررة في حالة الرفض والعصيان لهذه القوانين الجديدة، بدأت بعض الأطراف المعادية للعمل النقابي ولمصالح الصحافيين والإعلاميين تكشر عن أسنانها المهدمة أصلا، والتي لم تعبر عن وجودها لصالح المهنيين منذ الشروع في صياغة هذه القوانين الكارثية المدمرة لتعبر عن مواقف مضادة للنهج المطلبي والاجتماعي، الذي قامت به النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، طيلة جميع المراحل التي قطعتها هذه القوانين .. قبل صياغتها .. وقبل تقديمها للمصادقة البرلمانية، ودون أن توجه بوصلة اتهاماتها التخوينية والانهزامية إلى الأطراف المعنية بهذه المهزلة القانونية، المتمثلة في الحزب الذي كان يدير حقيبة الاتصال في الحكومة السابقة، وفي ممثلي النقابة والفيدرالية الذين شاركوا في صياغة هذه المنظومة القانونية في اللجنة العلمية التي رفضتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، قبل أن تشرع في عملها، والمعروفة لدى الخاص والعام.
إن هذه الحملة المسعورة في مواجهة النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ليست في موضوعها، وعلى الأطراف الذين يقودونها استحضار الوعي الحقيقي بمسار هذه المهزلة القانونية الجديدة التي نبهت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلى مساوئها قبل تمريرها برلمانيا إلى ضرورة التعبئة والتضامن الفعلي ضدها حتى بعد تملص النقابة والفيدرالية اللتان شاركتا في صياغتها، وإلى الانخراط في المعركة التي فتحتها ضد كل الأطراف التي ساهمت في إخراجها إلى الوجود عبر بياناتها ومواقف أمانتها العامة في اللقاءات والندوات التي نظمتها أو التي حضرت فيها، أو تلك التي ستنظمها مستقبلا.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نشعر بحجم الإهانة والظلم الذي يتعرض له المهنيون على الصعيد الوطني في ظل هذه الاستدعاءات من النيابة العامة، ونقدر حجم الغضب والسخط العارم الذي يشعرون به اتجاه هذه التهديدات بالعقوبات الزجرية إذا لم يمتثلوا للقوانين الجديدة التي صاغتها الحكومة السابقة بتواطؤ مع بعض شركائنا في العمل النقابي، الذين لا يفسر صمتهم اليوم وسكوتهم إلا بما قلناه في حقهم .. وإذ نؤكد حقيقة ما جرى نعرب لزملائنا في المشهد الصحفي والإعلامي، وحتى الذين يختلفون معنا، أننا نرفض جملة وتفصيلا هذه المنظومة المطعون في شرعيتها، ونستنكر ونحتج على جميع الإجراءات والتدابير المزمع تطبيقها في حق الصحافيين والإعلاميين، ولن نتراجع أبدا عن مواقفنا الصارمة ضد جميع التهديدات ومحاولات إذلال الصحافيين والإعلاميين، والتنكر لمطلب إلغاء المتابعات والملاحقات القضائية للصحافيين والإعلاميين على جنح النشر، وخلق شروط هذه المواجهة والتصادم مع القضاء الذي يجب أن يظل على وقاره وحمايته للحريات الفردية والجماعية المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لا أن يصبح خصما وحكما في وجه الصحافيين والإعلاميين.
للحسم في الزوبعة المفتوحة حول قضية الملاءمة والتلويح بالعقوبات، أن الجهة المعنية بذلك، ستكون على يد المجلس الوطني للصحافة المخول له بعد تشكيله ممارسة وظائفه في الفصل والحكم حسب اختصاصاته، بعد أن جاءت القوانين الجديدة لتلغي العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للقضايا التي يتابع عليها الصحافيون والإعلاميون، وهذا المجلس الوطني للصحافة هو الذي ستناط به مهام تنظيم وتقويم المشهد الصحفي والإعلامي في نهاية المطاف، عبر المنظومة القانونية التي سيقررها لممارسة اختصاصاته، وهو المعني بإقرار القوانين وإصلاحها.
إنه لا أحد يمكنه المزايدة على المواقف المسؤولة والجريئة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي عبرت عنها بكل الوسائل المتاحة أمامها، بما في ذلك اللقاء الذي جمع أمانتها العامة بالسيد وزير الثقافة والاتصال مؤخرا، الذي أكد أن الأمر يهم الذين لا يتوفرون على التصريح القانوني، والذين عليهم أن يسارعوا بتقديم طلباتهم إلى النيابة العامة للحصول على التصاريح القانونية، وهذا ما نادت به النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة باستمرار، والتي (النقابة) لم تتوقف قوة مواقفها عند هذا السقف، بل طالبت وزارة العدل بوقف تدخل النيابة العامة عن ممارسة تهديداتها للصحافيين والإعلاميين، لأن ما وقع لا علاقة لوزارة العدل والنيابة العامة به، فيما يتعلق بالصياغة القانونية والمصادقة البرلمانية، وأن وزارة العدل والقضاء عموما، ليس خصمان للصحافيين والإعلاميين، ولا يمكن أن يكونا ضد قوانين الوطن التي نصت وكرست الحريات العامة، بما فيها دستور الوطن وظهير الحريات العامة لسنة 1958، وسائر الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، إلى جانب توجيهات جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، بضرورة احترام وتقدير رجال ونساء الصحافة والإعلام في أكثر من مناسبة، إلى جانب التحولات الجديدة التي يعيش الوطن على إيقاعها، والهادفة إلى تكريس المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي تحتل فيه الصحافة والإعلام دورا رياديا لبلورة أهدافه وقيمه ومبادئه.