دور مافيا المخدرات والتهريب في حراك الحسيمة وتحريفه عن مطالبه المشروعة
عرف المغرب أخطر التظاهرات الاجتماعية الشعبية، وتمكن المغاربة من إخمادها ومعالجة أسبابها، إلا هذا الاحتجاج في الحسيمة الذي تحاول عدة جهات مغرضة ومعادية لاستقرار الوطن تحريفه عن مطالبه المشروعة .. خصوصا، الأطراف المافيوزية المحتكرة لتجارة التهريب والمخدرات وزراعة الكيف في المنطقة، التي تحاول بكل نفوذها المافيوزي اليوم تأجيج هذا الحراك لممارسة الضغط والابتزاز حتى تظل طليقة في أنشطتها التدميرية لهذا الجزء من الوطن.
لا يخامرنا الشك أن درجة الاحتقان في الحسيمة لم تصل إلى درجة أن المحتجين يرفضون الحلول لأسباب الحراك الذي يراد له أن يكون عصيانا مدنيا واضحا، بدل احتجاج سكاني على تأخر المشاريع التي تقررت في المنطقة بعد الزلزال الذي تعرضت له، وبعد حادث وفاة المرحوم محسن فكري التي تريد المافيا المهيمنة على اقتصاد المنطقة تحويل الحراك عن أهدافه المطلبية المشروعة التي لا يجادل أحد في ضرورة إنجازها في المنطقة التي لم تكن واردة مشاكلها واحتياجاتها في برامج الحكومات المتعاقبة، وآخرها حكومة بن كيران، التي حاولت أن تستغل صراعها مع حزب الأصالة والمعاصرة لمعاقبة المنطقة، وتأخير إنجاز المشاريع المقررة فيها والتي دشنها جلالة الملك محمد السادس.
ما حدث إذن في الريف، لا يدخل ضمن العصيان المدني وخلق شروط الفوضى التي تشهدها عدة دول عربية، وإنما تعود أهم عواملها إلى ما تقوم به عصابات المافيا لحماية مصالحها .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن رئيس الحكومة وأغلبيته في طليعة المعنيين بالتواصل مع مطالب المحتجين الفئوية، وأن كل الذين يتحملون المسؤولية واعون بخطورة عدم قيامهم بالمهام المسندة إليهم على مستوى الحكومة المركزية، وعلى مستوى المؤسسات المنتخبة الجهوية والجماعية، وأن مغرب اليوم في حاجة إلى من يستطيع ترجمة تطلعات سكانه، وليس إلى من يريد الزج بهم في المجهول والخراب والدمار الذي يرفضونه لحرصهم على التطور الطبيعي والسلمي، بعيدا عن قرع طبول الفتنة والاضطرابات التي لا تحقق شيئا، ولا تسمح بالاستجابة لمطالبهم بالوسائل الديمقراطية المتاحة.
إذن، المجتمع المغربي المنتفض في عدة جهات من أجل حقوقه الدستورية في العمل والتربية والصحة والسكن يستحق تواصل كافة الأطراف المسؤولة على اختلاف مواقعها مع نبضه العفوي الرافض للتهميش والإقصاء المفروض، ولا يمكنه التفريط في استقراره الذي يريد خصومه في الداخل والخارج استغلال تظاهراته الاحتجاجية المشروعة للركوب عليها، واستغلالها لخدمة مناوراتهم المعادية له، ومن لا يعرف طبيعة هذا المجتمع الذي برهن عبر تاريخه على قوة إيمانه بما يجعله مختلفا في وعيه وفي تصريفه لجميع الأزمات التي واجهها، ولنا اليقين في المستقلة بريس، أنه سينتصر على أعدائه وعلى مشاكله وعلى الذين وضع ثقته في وجودهم في الحكومة وفي غيرها من المؤسسات، من أجل تجاوز هذه الإكراهات والعراقيل التي تحول دون تطوره وترجمة شعارات هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه التي يقودها باقتدار جلالة الملك محمد السادس، والتي منحت الوطن الاحترام من دول الجوار والمنتظم الدولي.