العثماني وضرورة تجاوز ما فشل فيه بن كيران في التدبير الحكومي الجديد
يبدو أن حكومة العثماني ستكون مجبرة على تحمل إخفاقات حكومة بن كيران التي كان من المفروض محاسبتها كما ينص على ذلك دستور المملكة، وفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مما يعني أن الحكومة الجديدة مطالبة بالانخراط الفعلي في تجاوز التحديات المجتمعية التي لم تتمكن الحكومة السابقة من معالجتها، وعدم الرهان على ربح الزمن لتقليص تنامي الاحتجاج المجتمعي على سوء تصريفها لهذه التحديات .. فهل سينجح الدكتور العثماني مع تحالفه الحكومي في الاستجابة للانتظارات التي تتفاقم في جميع المجالات، بعد حصوله على ثقة البرلمان وتمرير قانون المالية ..؟
اللـه يكون في عون رئيس الحكومة الجديد حتى يحقق التغيير المنشود في أداء حكومته التي يحتاج جل أعضائها إلى الوعي بالمشاكل القطاعية المسؤولين عنها، والامتلاك السريع للبرامج والمشاريع الملائمة لها، ناهيك عن الاقتراب والفهم المطلوب منه اتجاه مجموعة الموظفين الذين يعملون تحت إشرافه .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن السيد رئيس الحكومة مطالب بالحكامة الجيدة في تدبير حكومته التي يراهن على إنجازاتها الجميع، سيما في ظل الظروف التي تشكلت فيها والتي تستلزم المتابعة والفعالية من وزرائه، سواء اتجاه القضايا الداخلية أو الخارجية، والقطع مع التدبير الحكومي السابق في عهد بن كيران الذي عمق إحساس المغاربة بانعدام القدرة على خلخلة الملفات الكبرى التي لا تزال تطرح نفسها، سواء في المجال الاقتصادي التي تتعلق بالتشغيل أو اقتراح المشاريع الاستثمارية الجدية أو بمعالجة المشاكل المالية الماكرواقتصادية، أو تخفيض العجز في الميزانية أو التضخم في الميزان التجاري، أو تلك المرتبطة بالواقع الاجتماعي التي تخص مكافحة البطالة ورفع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية ورفع القوة الشرائية، أو المرتبطة بالمجال السياسي التي تخص تطورات قضية الوحدة الترابية وإصلاح القضاء وتحسين منظومة حقوق الإنسان، وتحصين الحريات العامة والإصلاح الدستوري وتخليق المرفق العمومي ومحاربة الفساد.
إن المواطنين ينتظرون من حكومة السيد سعد الدين العثماني تجاوز أعطاب حكومة بن كيران التي كانت وراء التشريعات الكارثية، التي تتجلى في قانون الصحافة وقانون التقاعد ومنظومة المقاصة وإصلاح نظام المقايسة والتغطية الصحية التي يتطلع عموم المواطنين إلى شجاعة الحكومة الجديدة لمعالجة ثغراتها وتجويدها، وتحقيق الطفرة في مواجهة تقارير التنمية الصادرة عن المنظمات الدولية والوطنية التي تعكس الوضع الدوني للمغرب، بالمقارنة مع ما توجد عليه الدول التي تقترب من واقعه ومؤهلاته ومشاكله، والرفع من المؤشرات التي تتعلق بالنمو والتنمية في جميع المجالات، وحسن الاستفادة من نتائج الزيارات الملكية الناجحة إلى الدول الفاعلة والمتقدمة في العالم، والمكاسب المنتظرة من نهج سياسة جنوب جنوب التي تمت في القارة الإفريقية.
لن نغلق باب الحوار والنقاش حول أداء الحكومة الجديدة، وسننتظر منهجية تعاملها مع ما يتطلع إليه المغاربة بعد إعلانها على مسودة البرامج والمشاريع التي ستسهر على إنجازها خلال فترة ولايتها .. ونحن على يقين تام من حسن إرادة رئيس الحكومة التي عبر عنها أثناء تقديمه لحكومته من أجل نيل ثقة البرلمان، أو من خلال ردوده على أسئلة النواب اتجاه القانون المالي الجديد.