مقال 👇قاسي .. لكن … الحقيقة قد تكون مؤلمة
بقلم : *الدكتورة المتقاعدة فاطمه بنت سالم الخريجي أم صهيب
نحن بحاجة إلى فهم الدين قبل تطبيقه
هل يكفي هذا الحديث لحمل كل هؤلاء الناس من كافة أنحاء العالم الإسلامي لأداء عمرة رمضان
فمكة في هذه الأيام تزدحم بالمعتمرين وكأن الناس لأول مرة تكتشف الكعبة ..!
أو كأن الناس ﻷول مرة يتعرفون على البيت الحرام .. !
هل هذا هو صورة من صور الاستحمار الديني الذي تكلم عنه د. شريعتي في كتابه المشهور (النباهة والاستحمار) ..؟
استحمار جعل من قيمة إيجار الغرفة في فندق مجاور للحرم : بعشرة آلاف لليلة الواحدة في العشرة الأولى من رمضان، ولتصل إلى أكثر من سبعين ألف ريال لليلة الواحدة في العشر الأواخر
أليس هو استحمار عندما يدفع إنسان ألف ريال لحجز مكان له في الصف الأول في الحرم لأداء صلاة التراويح ..؟!
ماذا يا ترى قال د. شريعتي عن الاستحمار في كتابه :
( فالاستحمار قد لا يدعوك إلى القبائح والانحراف بشكل دائم، بل – وعلى العكس – قد يدعوك إلى المحاسن، ليصرفك عن الحقيقة التي يشعر هو بخطرها، كيلا تفكر فيها فتنبهك أنت والناس )
ليس بالضرورة أن يدعوك من يريد أن يستحمرك إلى فعل القبائح والمنكرات،
فيكفيه أن تنقلب عندك الأولويات فتصير كل الخيرات من جملة الشرور، كما يقول الشيخ محمد الغزالي : ( عدم ترتيب الخيرات من جملة الشرور )
كم نطنطن بالتوحيد ( وقل هو الله أحد .. نقرأها عشرات المرات في اليوم الواحد ) وكأن العدل المفقود عندنا وبيننا ليس هو من أصول ديننا
أليس هو نفس النبي الذي قال عن فضل العمرة في رمضان، قد قال : ( النظافة من الإيمان ) فما بالنا نرضى بكل هذا القبح في أزقتنا ومدننا ..؟
هل نحرص على إيماننا بالنظافة بقدر حرصنا على إيماننا بأداء العمرة ..؟!
ألم يقل النبي :
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا)
فهل صارت صحبة النبي في العمرة أهم عندنا من صحبته في الجنة ..؟!
أليس هو من الاستحمار أن تتكفل أوربا باستقبال وكفالة 5000 يتيم مسلم ثم تنصرهم ونحن ندفع عشرة آلاف دولار ثمنا لغرفة تطل على الحرم، وكأن الله قد نقل عرشه إلى الحرم ليستمتع المعتمر بالنظر إليه من شباك غرفته المطلة على الحرم ..؟!
ألم يقل : ( رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَن قَضَى لأخِيهِ المسلمِ حاجةً، كان له من الأجرِ كمَن حَجَّ واعْتَمَرَ ) ..؟
هل عندنا همة للتعاون فيما بيننا، كما هي همتنا لأداء عمرة رمضان ..؟!
أليس من الاستحمار أن نظن بأننا نستطيع أن نستغفل الله بعمرة رمضانية ليدخلنا جنته ..؟ ونحن على ما عليه من أخلاق سيئة، وكأن النبي لم يقل : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ..؟
هل هي نباهة دينية أو استحمار ديني أن نقبل على الله بتدين مملوء إلى آخره بالعبادات وتدين فارغ إلى آخره من الأعمال الصالحة ..؟!
أليس هو هذا الامتلاء الديني الزائف الذي يجعل الشيطان يرقص ويغني فرحا ..؟!
لا بل ربما نجد الشيطان يدفعنا للمزيد من هذه العبادات الشكلية حتى يطمئن بأن نومتنا ستمتد حتى موتنا ..؟.
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) .
من الاستحمار إنسان يصوم لعدة ساعات ليفطر بطعام يكلفه ما يقارب الخمسمائة ريال .. صوم لساعات وإفطار بطعام يكفي لعدة أيام.
في مقابل كل هذا نجد رئيس الوزراء الكندي (الكافر ..!!) يصوم رمضان للسنة الثانية مشاركة لمواطنيه من المسلمين، ومن ثم يجمع ما يوفره من مال في صومه ليتبرع به للجمعيات الخيرية
فيا ترى من هو الحمار ومن هو الإنسان ..؟
*مدير عام التربية الخاصة