هشام بوحرورة
مع تصاعد حدة الاحتجاجات التي تعم المغرب منذ شهور، التي بدأت شرارتها الأولى من مدينة الحسيمة، بعد مقتل بائع السمك محسن فكري، و لم تكن مدينة خنيفرة خارج السرب أيضا، حيث شهدت الفترة الأخيرة عدة أحداث، أبرزها اعتصام عمال مناجم جبل عوام تحت عمق 600 متر، و الذي دام زهاء الشهر، و بعد مفاوضات ماراطونية تم التوقيع بين جميع الأطراف على محضر تم تفريغه من المطالب الأساسية للعمال، و أبرزها إسقاط المتابعة القضائية و إرجاع العمال المعتصمين، و للإشارة، فهذا الاتفاق تم تحت إشراف عامل صاحب الجلالة على الإقليم ورئيس مجموع الجماعات بالإقليم و المستشار البرلماني عبد السلام اللبار، القيادي البارز بنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وأمهر فقهاء تحرير المحاضر و الاحتجاجات النقابية العمالية، و بحضور أحد أقطاب المعارضة بالمجلس البلدي بمريرت وممثلي الشركة المنجمية .
و بعد أيام قليلة من الاتفاق المبرم، تنصلت الشركة و تراجعت عن ضمامين المحضر، مما أجج الوضع من جديد و دفع العمال للدخول في اعتصام جديد، و هذه المرة فوق المصعد و على علو 60 مترا من على سطح الأرض بمقصورة التحكم بمصعد منجم سيدي احمد، ما دفع عائلات المعتصمين للخروج للشارع لنقل معاناتهم للرأي العام و المسؤولين محليا و اقليميا و وطنيا، لتدخل على الخط هيئات سياسية و حقوقية وجمعوية و بعض المناضلين الغيورين على أحوال العمال و المنطقة بصفة عامة التي تعاني ويلات الإقصاء و التهميش و انعدام فرص الشغل رغم المبالغ الضخمة التي تجنيها الشركة من وراء الاستغلال المنجمي، دون نسيان مشكل انعدام الماء بالمناطق المجاورة للشركة المنجمية .
ووصل قطار الاحتجاجات مدينة خنيفرة بعد النداء الذي أطلقته “التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء وتدني الخدمات بخنيفرة” للاحتجاج بساحة 20 غشت، يوم الخميس 1 يونيو 2017، وقد حضر هذه الوقفة جميع أبناء الإقليم من أجلموس .. مريرت .. القباب و تيغسالين، ورفع المحتجون شعارات قوية ضد الفساد ونهب المال العام، و نهب الثروة الغابوية، و السطو على بعض العقارات التابعة لقبائل المنطقة و التهميش وتفشي الفقر و غياب فرص العمل و تدني الخدمات الصحية، مع غلاء المعيشة .. كما ندد المحتجون بالتراجع الخطير الذي يعيشه المغرب في السنوات الأخيرة في مجال حقوق الإنسان رغم الشعارات الفضفاضة التي تطلقها الدولة .
و شهدت الوقفة السلمية إنزالا مكثفا للقوات العمومية، بمختلف تلاوينها الأمنية، و قد حاول المحتجون تحريك مسيرتهم بشوارع المدينة، لتتدخل بعدها عناصر من الأمن الوطني و القوات المساعدة لمنع المسيرة، وهو ما خلق نوع من التشنج و الأخذ و الرد مع المحتجين كادت أن تتطور إلى ما لا يحمد عقباها، لولا تدخل المدير الإقليمي للأمن الوطني بخنيفرة و مساعده و بعض رجالات السلطة بالمدينة لتهدئة الوضع، ليرجع بعده المحتجون إلى الساحة لإكمال وقفتهم السلمية المنددة للتطويق الأمني برفع شعارات تندد بالمنع الذي طالهم، وحسب مصادرنا، فالإجراءات الأمنية تجاوزت الخط الأحمر بوضع حواجز أمنية بمدخل المدينة و منع عدد من الوافدين من المدن المجاورة من الالتحاق بساحة الاحتجاج.
وختم المحتجون وقفتهم بتلاوة بيان يلخص ما تعانيه المدينة و الإقليم عامة مذكرين الرأي العام أن هاته الوقفة ماهي إلا بداية لتنظيم وقفات أخرى حتى تلبى جميع مطالب الشريحة الاجتماعية بالإقليم .