*فيصل زقاد
يقول المثل الفرنسي” Le ridicule ne tue pas!”، و هو حال السلطة التي كلما أرادت أن “تكحلها تعميها” .. هذه السلطة اللئيمة التي باتت تمنح صكوك الغفران لمن يساند خطها السياسي، و ترمي بكل من يعارضها إلى الجحيم.
فبعدما تغول أصحاب القرار وتعسفوا في استعمال نفوذهم على الحياة الدنيوية للشعب الجزائري، ها هم الآن يذهبون الى أبعد من ذلك، فقد قرروا إدخال نار جهنم كل من قاطع الانتخابات التشريعية، عقابا لهم على عدم الانصياع لأوامرهم، التي بعثوا بها عبر أئمة المساجد خلال الحملة الانتخابية .
هؤلاء الأئمة و رغم أنهم لم يستطيعوا تطويع الكتلة الناخبة، وحثها على المشاركة في الكرنفال الانتخابي، بالترغيب تارة و الترهيب تارة أخرى، إلا أنه تم مكافئتهم نظير جهودهم التي لم تكلل بالنجاح.
فقد كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى على الانتهاء الوشيك من إبرام اتفاقية تعاون مع بنك البركة لمنح قروض حلال بدون فوائد لصالح الأئمة، دون غيرهم من الشعب الجزائري الذي لطالما رفض التعامل مع البنوك الربوية، و طالب حثيثا السلطات العمومية باستحداث بنوك تتعامل بالشريعة الإسلامية، مادام الإسلام دين الدولة، كما حاء في الدستور الجزائري، الا أنه و على ما يبدو فقد أصبح الإسلام حكرا على الأئمة الجزائريين بقرار وزاري.
لنأخذ الآن هذا الأمر على محمل الجد، هل – حقيقة- الجزائر لكل الجزائريين، أم هو مجرد شعار فضفاض لا يسمن و لا يغني من جوع ..؟
مادامت كذلك، كيف يتم إذن، منح قروض من دون فائدة لفئة من الجزائريين دون أخرى ..؟
كيف يقبل هؤلاء الأئمة على أنفسهم أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى، ثم يأتون للمواطنين من الدرجة الدنيا، و “يشبعوهم خرشف” بالدروس والمواعظ في الإيثار و نكران الذات ..؟
في الأخير، و قبل أن أتنحى جانبا و أمنح لنفسي عطلة من الكتابة، لأصوم شهر رمضان قبل أن “يطلعلي السكر”، أختم بالقول و بكل أسف، أن قرارات سلطة الأمر الواقع أضحت مثيرة للسخرية، و تبعث على التقزز و النفور من هذا البلد الذي، و رغم اتساعه يبدو أنه صار لا يكفي كل الجزائريين الذين أصبحوا مجبرين على البحث عن وطن آخر يأويهم .. صحا رمضانكم .
*مدون وناشط حقوقي جزائري