هكذا هو الرجل الأزرق يا سلال ..!
*فيصل زقاد
لفتت انتباهي مداخلة من أحد مواطني ولاية تمنراست، وجهها للوزير الأول عبد المالك سلال، فبقدر ما كانت قصيرة، كانت شديدة و موجعة، ذكره من خلالها في وعود أطلقها قبل سنوات خلت، فقال له بنبرة قوية وغاضبة : “جئتنا في 2013 و وعدتنا بسيارات إسعاف، وها قد عدت في 2017 و لم تصلنا السيارات” .
فَبُهِتَ الذي أخلف وعوده، و تصبب العرق من جبينه، فلم يجد ردا مقنعا يُسْمِعُهُ إياه و كأنه ابتلع لسانه، فحتى نكته “البايخة” التي اعتاد سردها أثناء زياراته خانته، و لم تحضر في ذلك اليوم الأسود .
المسؤول الأول للهيئة التنفيذية لم يسعفه الحظ هذه المرة مع الرجل الأزرق، فقد كان يظنه إنسان تافه، لا يعرف حقه من واجبه، أو هكذا خيل له، فتلقى منه صفعة قوية و مفاجئة لم تَسُرَهُ أبدا، بل فجعته و آلمته أيما ألم، وسيبقى يتذكرها طوال حياته، و بكل تأكيد أن زيارته إلى تمنراست هذه، ستكون الأخيرة في مساره السياسي الحافل بالمطبات و المكلل بالخيبات على طول الخط .
السيد سلال توجه إلى الصحراء و هو متفائل جدا، بأنه سينقذ الحملة الانتخابية الباهتة و الفاشلة بكل المواصفات.
قال للترقيين أَسْمِعُوا صوتكم بقوة، ولا تَسْمَعُوا للمحبطين لِلْهِمَمِ، الذين يريدون زرع الشك في نفوسكم، فكان له ذلك، و لم ينتظروا الرابع ماي ليسمعوه موشحاتهم، فقد أطربوه بكلام موجع لم يستطع تجرعه من فرط ما كشفوا له عن سوء حالهم و قلة حيلتهم و تقاعس المسؤولين المحليينعن خدمتهم، و على رأسهم الوالي الذي اشتكى منه أحد المواطنين و كشفه أمام الوزير الأول، مشيرا إليه بأصبع الاتهام، و صارخا في وجهه أنه متكبر و متجبر و لا يستقبل أحدا في مكتبه فقلب القاعة “سافلها على عافلها” وكادت الأمور تخرج عن السيطرة .
نعم، معاليه طلب منهم إسماع صوتهم عاليا، فإذا بهم لبوا النداء عن بكرة أبيهم، فقالو كلمتهم و انصرفوا، قالوها بصوت واحد، و أثبتوا بذلك لكل مغامر و مقامر أنهم ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية، بل هم جزائريون شرفاء، أحرار، لهم نفس حقوق مواطني الشمال، و ليسوا كتلة ناخبة يعول عليها عند كل استحقاق، كما كان يظن هؤلاء المسؤولين الفاشلين .. نعم، هو هكذا الرجل الأزرق ياسلال ..!
*مدون وناشط حقوقي جزائري