وزير الثقافة والاتصال والحاجة إلى الإنصات لنبض الصحفيين والمثقفين
قد لا يكون البحث الاستشرافي مقبولا في القطاعات الاجتماعية الخدماتية لصعوبة امتلاك القدرة على التنبؤ بما سيكون عليه الموقف اتجاه أي مخطط يمكن اقتراحه لتنمية أو إصلاح أو تطوير هذه القطاعات الاجتماعية .. خصوصا، التي لا يمكن الوصاية عليها، ك.الاتصال والثقافة لطبيعة الخدمات المقدمة فيهما، التي لا يمكن أن تكون بدون الحرية والمرونة والتفاعل الإيجابي مع الفاعلين فيهما .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن السيد الوزير الجديد يعلم جيدا طبيعة التحديات والإكراهات التي يواجهها العاملون في هذين القطاعين، وحجم الخصاص الذي يتطلعون إلى تجاوزه من أجل النهوض بالمهام التنويرية والإخبارية والإبداعية والنقدية الملقاة على عاتقهم في هذين المجالين المرتبطين بحقوق الإنسان والمنظومة القانونية الدستورية والجنائية والمدنية التي توجه خدمات العاملين في هذين القطاعين.
لن نستعجل الحكم على النوايا في مناقشة الوزير الجديد، قبل عرض مشروعه ضمن البرنامج الحكومي، وسيكون لنا الحق في الحوار معه على ضوء ما سيقدمه للفاعلين والرأي العام الوطني .. خصوصا، أنه يمتلك الخلفية المعرفية والتجربة من خلال مهمته التربوية الجامعية، ويدرك بعمق ما يترقبه الفاعلون منه في حقلي الثقافة والاتصال، إذا ما كان بالفعل يريد أن يكون مختلفا مع الذين سبقوه في هذين القطاعين اللذين لم يعرفا (القطاعين) التحول المطلوب في السياسة العمومية الكفيلة بمعالجة المشاكل واقتراح الحلول البديلة.
السيد الوزير، إننا معشر الفاعلين في الاتصال والثقافة الحالمين باستقلال الممارسة وتوسع مجال الحرية وتحصينها، يخامرنا الشك واليقين في أن لا تكونوا مثل الذين سبقوكم إلى هذين القطاعين الاستراتيجيين، اللذين على أساس التقدم والتحرر اللذين يوجدان عليه في أي نظام سياسي يتحدد مستوى الديمقراطية والحرية من قبل كافة المنظمات الدولية .. فهل ستتمكنون من القدرة على تدبيرهما بعيدا عن ما يفسد العلاقة مع الصحفيين والمثقفين ..؟ وهل تملكون الرؤيا التي ستعتمدون عليها في معالجة المشاكل المعلقة حتى الآن ..؟ ومنها مشاريع قوانين الصحافة التي تمت صياغتها بدون مقاربة تشاركية، أو قانون الفنان ودعم النشر بالنسبة للثقافة التي لا زالت دون تفعيل، والرهان المستمر على عقد معرض الكتاب والمواسم الثقافية لتكريس التقاليد السائدة ..؟ وفي مواجهة هذا وغيره من العراقيل والقيود .. نقول إنه بدون الإنصات للفاعلين والحوار التشاركي معهم سيكون من الصعب الاستجابة لانتظاراتهم، لأنهم سبق وأن صدموا في عهد الحكومة المنتهية ولايتها بانسداد الآفاق، والشعور بالدونية والتبعية والخضوع للقرارات التي لم يشاركوا في البحث فيها أوفي التوافق حولها.
من دون شك، أن السيد الوزير الجديد للثقافة والاتصال يدرك خطورة المسؤولية في قطاعي الثقافة والاتصال، وما ينتظره الفاعلون من إقلاع تنموي حقيقي في هذين القطاعين، اللذين فشلت جل الحكومات المتعاقبة في وضع اليد على أسباب الأزمة التي يواجهها الفاعلون، سواء على المستوى القانوني أو التنموي، فبالأحرى مستوى جودة الخدمات التي يتلقاها المواطنون فيهما .. فلحد الآن، لا يزال الاتصال بكل أدرعه الإعلامية والصحفية و السينمائية بدون منظومة قانونية تحفظ كرامة ومصالح الفاعلين، ويمكن ملامسة ذلك بوضوح في منهجية صياغة القوانين المنظمة للعمل الصحفي والثقافي، التي انفردت الوزارات التي أشرفت على تدبيرهما في صياغتهما التي تتلاءم مع رؤيتها عبر مشاركة قزمية للذين يجيدون ضرب الإيقاع للجالس على كرسي الوزير، وهذا ما يفسره تراجع مستوى التطور المطلوب والعقلنة والترويج للعمل الصحفي والثقافي، حيث تعاني الصحافة الإلكترونية، كما تراجع رواج الصحف الورقية التي تواجه الاحتضار والإفلاس، رغم الدعم المقدم للصحافة الحزبية والذي لا يجد طريقة للصحافة المكتوبة والإلكترونية المستقلة .. ناهيك عن هيمنة الهاجس الأمني والعقابي ضد الصحافة بصفة عامة .. وبخصوص الثقافة، فمن المؤكد أنه لا يوجد من يدافع عن هول الخصاص وتواضع المقروئية والإبداع والنشر في كل المجالات الثقافية، وغياب الحوار المجتمعي حول الإشكالية الثقافية بصفة منتظمة وطابعها الموسمي الدعائي، الشيء الذي يكرس التفتح في المنجزات الني يتلمسها الفاعلون بما فيهم العاملون في المؤسسات الخاصة التي تراهن على خدمات الطلبة المتخرجين والمتدربين في المجال الإعلامي والصحفي لتخفيض مصاريفها .. أما الإعلام الحزبي فلا يزال يعتمد على عطاء المناضلين بالدرجة الأولى.
ولا نختم هذه الدردشة النقدية قبل أن نقول للسيد الوزير مرحبا بكم عند من ألفوا استمرار الأزمة الصحفية والثقافية لغياب من ينصفهم ويستمع لوجهة نظرهم حتى الآن.