ندوة “الصورة في الصحافة بالمغرب” وانكشاف المسكوت عنه في وضعية المصورين الصحفيين..!
أحسنت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حينما لم تتدخل في مناقشة موضوع الندوة العلمية التي نظمتها وزارة الاتصال، يوم الخميس 16 فبراير 2017، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، في موضوع “الصورة في الصحافة بالمغرب”، حيث عوض أن تتجه المناقشة إلى ما جاء في عروض الأساتذة ـ جعفر عاقيل، في موضوع الفوتوغرافية الصحفية .. الإمكانات وآليات تطويرها .. ـ عبد الوهاب الرامي، في التصوير الصحفي ودوره في الارتقاء بمحتوى الصحيفة .. ـ موليم العروسي، في شروط نجاح الصورة الصحفية والمهنية، اتجه المشاركون، ومعظمهم من المصورين إلى مناقشة واقعهم الذي تجاهلته القوانين الجديدة، بعد أن فتح شهية الحوار عبد اللـه البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، خلال تدخله الذي أكد على ضرورة الفرق بين المصورين الصحفيين و “مصوري الأعراس” الذين ابتلي بهم الجسم الصحفي، ومداخلة نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، عن واقع الصحافة التي تتجه إلى الإفلاس في ظل الثورة التكنولوجية، التي بخرت وصاية المقاولات الصحفية على المعلومة وتصوير الأحداث، وتسليط الأضواء الكاشفة من عدة زوايا على الموضوعات والقضايا المجتمعية المطروحة .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن توجه النقاش نحو واقع المصور الصحفي مهدت له مداخلات هؤلاء الذين يؤطرون بعض الناشرين والمهنيين
ومن المداخلات التي وضعت النقط على الحروف على واقع هذه الفئة العاملة في المجال الصحفي، تأكد عمق الدور التأطيري والتأهيلي لمن كان من المفروض فيهم الانحياز إلى جانب الفاعلين، والذين لوحظ انسحابهم قبل فتح النقاش الذي طرح فيه المصورون معاناتهم داخل المقاولات الصحفية، إلى جانب القوانين الجديدة التي تجاهلت واقعهم، مما جعل الندوة تنحرف عن إطارها العلمي إلى أن تكون ندوة لكشف المشروعية على وضعية فئة المصورين الصحفيين
إذن، ما هيمن على ندوة “الصورة في الصحافة بالمغرب” هو طغيان النقاش حول الهم الصحفي لهذه الفئة من العاملين وزملائهم في الخفاء، حتى يكون محتوى الصحيفة في الجودة المهنية المطلوبة منه، .. خاصة، مداخلة عبد اللـه البقالي التي حرضت المشاركين على تغيير النقاش حول العروض المقدمة خلال الندوة، ناهيك عن عدم التمكن من صياغة التوصيات التي يقتضي تقديمها في مثل هذه الندوات العلمية، وهذا ما ميز أشغال الندوة التي تدخلت في نهايتها السيدة وزيرة الاتصال بالنيابة للحديث عن أهمية الموضوع المطروح، كما تحدثت عنه في البداية مع التلميح إلى أن هذا النشاط التكويني الذي تشرف عليه الوزارة الوصية على قطاع الاتصال يدخل ضمن توجهها الذي توجته بصدور منظومة مشاريع القوانين الجديدة، والتأكيد على أن مشاكل قطاع الاتصال تحتاج إلى رؤيا سياسية شجاعة كالتي حاول وزير الاتصال السابق نهجها خلال الولاية التشريعية السابقة .. تشير المتحدثة إلى الرؤيا السياسية التي أثمرت في المجال الصحافي والإعلامي عن مجهود لا يلبي الحد الأدنى من تطلعات عموم الفاعلين على اختلاف مواقعهم المهنية
إن ما وقع من خلل وارتباك في هذه الندوة العلمية، حول واقع “الصورة في الصحافة بالمغرب” يعود إلى الارتجال في التنظيم الذي لا يزال مناسباتيا ودعائيا، سواء من قبل الوزارة الوصية أو الهيئات المؤطرة للفاعلين في المجال الصحفي و الإعلامي على امتداد جميع التجارب الحكومية المتعاقبة، والذي ثبت بالملموس أنه لا يساعد على تحقيق الحكامة الجيدة المنتظرة منه، اللهم الحرص على التجريب والاجتهاد الذي لا يخدم تطلعات عموم الفاعلين في التأهيل والتكوين المستمر، ولن نذكر الأطراف المعنية بالمشهد الصحفي والإعلامي من أن الواقع الصحفي والإعلامي في الوطن في حاجة إلى مراجعة جذرية حتى يكون بالإمكان الوصول إلى إعلام وصحافة في مستوى التنافس مع أرقى التجارب العالمية
ما يمكن استخلاصه من أشغال هذه الندوة العلمية بعروضها المقدمة، هو أنها لم تحقق التوقعات المنتظرة منها في مشاركة الذين حضروها من المصورين العاملين في المنابر والمقاولات الصحفية والإعلامية لافتقار جلهم إلى ما يسمح لهم بالقدرة على بحث ومناقشة موضوعاتها، نتيجة سوء عناية وتعاطي المسؤولين عن المقاولات مع هذه الفئة الأساسية من العاملين، الذين يحتاجون إلى التأهيل المستمر لممارستهم في مجال التصوير الصحفي .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هذا هو ما جعل المناقشة لموضوعات الندوة بعيدة كل البعد عن ما كان منتظرا منها
بالمناسبة، تجدر الإشارة، إلى أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، سبق لها أن نظمت بالمشاركة مع فرعها الجهوي فاس مكناس يوما دراسيا، حول تقنيات التصوير الصحفي، وقف خلاله أعضاء الفروع المنضوية تحت لواء النقابة بالجهة على أبجديات التصوير الصحفي، وما يجب أن يتم الانتباه إليه في هذا المجال لإبراز دوره في مستوى المنتوج الصحفي، وقد كان ناجحا بكل المقاييس، والغريب في الأمر أن تكاليفه (اليوم الدراسي) المالية كانت جد بسيطة، لاعتماد الجهة المنظمة على إمكانياتها الذاتية، رغم أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، قدمت قبل ذلك جدولة لبرنامج الندوات في مجال التكوين والتأهيل على الصعيد الوطني لفائدة مناضليها، وطلبت تمويلها من طرف الوزارة الوصية على قطاع الاتصال، لكن هذه الأخيرة تجاهلت الأمر.
وإلى حين تحسن وتطور وعي الوزارة حول ما يجب أن يكون عليه التعاطي مع قضايا وهموم الفاعلين، نهمس في أذن السيدة الوزيرة المحترمة التي تسير الوزارة بالنيابة الآن، أنه بدون مشاركة الفاعلين في التحضير والتنظيم لأي أنشطة تستهدفهم سيكون من الصعب احتواء النتائج السلبية، كما حدث في هذه الندوة التي أوضح الأساتذة المتدخلون فيها بعروضهم العلمية القيمة ما يجب توفيره لكافة الفاعلين في جميع الأجناس الصحفية الورقية والمكتوبة والمرئية والمسموعة