فاطمة سلمان
قد لا يعي المتزوجون عندما يقررون الانفصال وإنهاء الشراكة الزوجية أن للطلاق تبعات وآثار سلبية ستنعكس على الأبناء، وأن هذه الآثار التي زرعها الآباء سيحصد ثمارها الأبناء سريعًا، وهذا ما يطفو على السطح من ازدياد حالات الانفصال الزوجي وتردي أوضاع أبناء الطلاق، فمنها مشاكل سلوكية مختلفة وانحراف وتأخر دراسي وغيرها من العواقب الوخيمة.
حليمة عبدالله – تؤكد أن معظم حالات الطلاق تتسبب في تنشئة أبناء مدمرين نفسيًا خاصة بعد الاستقرار الذي كانوا يعيشونه في كنف الأسرة، وإن كانت هناك مشاكل بين الآباء إلا أن الاحتواء الأسري يمنحهم شيئًا من الطمأنينة والتي سرعان ما تتلاشى سريعًا بعد الانفصال العلني وابتعاد الأبناء عن أحد الوالدين.
وتكمل «فالتأثير الأكبر يكون على نفسية الأبناء وسلوكهم، وتتجلى صوره في أمراض نفسية عديدة كالتأثير على التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين والعصبية أو الغضب والانحراف وارتكاب الجرائم»، منوهة إلى أن الطلاق حق للزوجين طالما استحالت الحياة، لكن لنجعل الطلاق خيارًا أخيرًا فذلك تتجلى تبعاته لدى الأبناء فيصبحون ضحايا هذا الطلاق.
غياب الآباء
ويرى عبدعلي حسين – أن غياب الدور التوجيهي للأبناء وابتعاد الآباء عن رعاية أبنائهم وإلقاء اللوم والمسؤولية على الطرف الآخر يسبب ضياع الأبناء، وبالتالي تأثرهم كثيرًا، وهذا الأمر الذي جعل الطلاق آخر الخيارات بين الزوجين؛ لأن هناك أطراف مشتركة مع الزوجين فلابد من دراسة موضوع الطلاق جديًا خاصة في وجود أبناء صغار سريعي التأثر والضياع.
ويوضح قائلاً «عند وقوع الطلاق يكون التأثير كبيرًا جدًا على الأبناء وأولها الشعور بالتفكك الأسري وشعور الأبناء بكراهية الآباء، إضافة لمشاعر الحقد على أسر الآخرين، وهذا ما يسبب المشاكل والشجار بين الأبناء وأصدقائهم في محيط المدرسة والحي، ناهيكم عن تشتت وتشرد الأبناء بعد طلاق الوالدين وقلة الرعاية لهم والتفكك الأسري الأمر الذي يدفعهم نحو سلوكيات غير مرغوبة».
وتوضح دلال حمد – أن عدم شعور الطفل بالجو الأسري يسبب له الكثير من المشاكل النفسية، خاصة عندما يرى أسر الآخرين واستقرارها مما، يشعره بالنقص الكبير وعدم اهتمام الوالدين، ويشعر بمدى أنانيتهم وتفضيل أنفسهم على حساب ضياعه وتشتته وبذلك يكون طفلاً عدائيًا وربما محبطًا.
الشعور بالذنب
وتضيف «بعض الأبناء يتولد لديهم شعور بأنهم هم سبب الطلاق وتفاقم المشاكل، ونتيجة لهذا الشعور يرفضون العيش مع أحد الوالدين ويفضلون الجد أو الجدة، وهذا من شأنه أن يعزز آثار الطلاق على الأبناء والشعور بعدم الرغبة برؤية أحد الوالدين، الأمر الذي يؤول إلى مشاعر سلبية كثيرة وخطيرة جدًا».
فيما يقترح محمد فاضل على الوالدين التحدث مع أطفالهما بشكل صريح بشأن الطلاق، والتأكد من مشاعرهم والعمل على قضاء أكبر وقت معهم وعدم الانشغال عنهم، أو تقاسم الوقت لرؤيتهم كي لا يحدث أي تقصير أو تحدث عواقب وخيمة، ولتكن هناك خطة لتجنب آثار الطلاق على الأبناء.
التربية الصحيحة
ويؤكد أن للتربية السليمة دورًا مهمًا، فالأبناء الذين تربوا على الوازع الديني واستمر اهتمام الآباء بهم واحتوائهم بشكل مضاعف عن السابق لابد أن يكون بمثابة حصن للأبناء من التعرض لآثار الطلاق التي قد تبعدهم عن الطريق الصحيح، فالطلاق لابد أن يكون مدروسًا مسبقًا بين الآباء، خاصة في وجود الأبناء الصغار منهم من خلال المتابعة والاهتمام المتواصل وبالتالي سيكون الأبناء في حماية من آثار الطلاق، ولا ننسى بالطبع دور المعلم والمجتمع للاهتمام بهذه الفئة أو كما يقال «ضحايا الطلاق».