مصالح الوطن أغلى من الحسابات السياسوية الحزبية الضيقة يا محمد بن عباد ..!
انتخب الحبيب المالكي، القيادي في الاتحاد الاشتراكي رئيسا لمجلس النواب، للتعجيل بمصادقة البرلمان المغربي على اتفاقية العودة والالتحاق بالاتحاد الإفريقي، بدعم برلمانيي معظم الأحزاب المغربية، وكمرشح وحيد في هذا الانتخاب الداخلي لمجلس النواب، رغم أن حزبه جاء في المرتبة السادسة في نتائج الاستحقاق البرلماني ل. 07 اكتوبر 2016، ولم يكن انتخابه انقلابا عن المنهجية الديمقراطية أو تعليمات، كما تعتقد يا محمد بن عباد، أو من أحزاب لا تملك الاستقلال في قراراتها وتحالفاتها.
إن حدث انتخاب الاتحادي المالكي على رأس مجلس النواب، يشكل علامة مضيئة في تاريخ الاتحاد الاشتراكي، الذي لم يتأخر في تاريخه في التعبير عن روح المواطنة في أكثر من مناسبة، كما أن الأحزاب التي دعمت انتخابه على رأس البرلمان في غرفته تعرف مسيرة الاتحاد الاشتراكي واستعداده للنضال من أجل قضايا الوطن، التي تشكل إحدى الأولويات التي تختبر فيها الأحزاب في رصيدها النضالي الوطني، والتي يجب أن تكون أغلى من الحسابات السياسوية الضيقة.
حينما نتحدث عن الحسابات السياسوية وتوظيفها في القضايا الوطنية، تنتصب أمامنا المسؤولية الوطنية لدى الأحزاب، ومدى استعدادها لتجسيدها حين يكون الوطن عرضة للتهديد الخارجي .. لذلك، نقول، أن من تخلف عن تجسيد هذه المسؤولية الوطنية يعي تماما خطورتها على حاضره ومستقبله الحزبي والسياسي .. ولعلكم يا أخ محمد بن عباد تدركون أنه حينما تكون مصالح الوطن في المحك والامتحان تهون كافة الحسابات السياسوية الحزبية الضيقة.
قد تفسرون موقف الاتحاد الاشتراكي بما تشاؤون، و وفق رؤياكم الحزبية والإيديولوجية الخاصة، إلا أن هذه المبادرة الاتحادية ومن دعمها من الأحزاب تجسد تعبيرا صريحا عن المكانة التي يحتلها الوطن في قلوب هذه النخبة من الأحزاب المغربية.
من دون شك، أن الذين تخلفوا عن هذه المعركة السياسية الوطنية يشعرون بالحزن عن تخلفهم عن القيام بواجبهم الوطني في هذا الظرف التاريخي الدقيق الذي يستدعي المشاركة الوطنية التلقائية، مما يعني أن التعددية الحزبية في نظامنا السياسي ليست تعددية مفبركة، وأنها تعكس عمق تمسك المغاربة بمناهضة سلطة الحزب الوحيد، وأن الفاعلين الحزبيين الذين لا يؤمنون بصلابة هذه التعددية الحزبية التي تتمتع أطرافها بحرية القرار والاستقلال في التعبير عنه هي التي منحت الوطن تجسيد هذه الروح في انتخاب أجهزة مجلس النواب للمصادقة على قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي، وتجاوز موقف الكرسي الفارغ الذي كان يخدم خصوم الوحدة الترابية واستقلال الوطن.
إن ما حدث في عملية انتخاب رئيس مجلس النواب يوضح بالملموس حقيقة المساحة التي يحتلها الوطن في سلوك الفاعلين السياسيين، وهذا ما يجب أن تكون على بينة منه يا كاتبنا وصحفينا محمد بن عباد، فلو كان الوطن حاضرا في المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة ما كان بالإمكان أن تصل إلى “البلوكاج”، وهذا ما يجب أن يستحضره قادة الأحزاب أولا .. أولائك الذين تخلفوا عن التعبير عن ما يمثله الوطن بالنسبة إليهم قبل مصلحة الحزب وحصته من الكعكعة الحكومية .. لذلك، فإن الدرس الصريح الذي عبرت عنه الأحزاب التي دعمت المرشح الوحيد لرئاسة مجلس النواب هو مبادراتها الوطنية التلقائية لصالح الوطن قبل التفكير في المصالح الحزبية السياسوية الضيقة التي لا تخدم مصالح الوطن العليا في نهاية المطاف.
بطبيعة الحال، التحرك الحزبي الوطني لفرملة مناورات خصوم الوحدة الترابية، وإظهار المغرب بالعجز السياسي الذي يرغب فيه أعداؤه في الداخل والخارج يشكل انتصارا لإرادة المغاربة في الانتصار على خلافاتهم الداخلية لصالح الدفاع عن مصالح الوطن العليا .. وهذا، ما نعتقد في المستقلة بريس، أنك تفتقر إليه يا محمد بن عباد في موقفك من انتخاب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب، وتأكد أن من يناورون على مصالح الوطن لا مستقبل لهم حاضرا ومستقبلا، وأن حتى معركة تشكيل الحكومة لن تكون سهلة بالنسبة لهم، وأن زمن المناورة أصبح يضيق على من يعتقدون أنه بالإمكان استمرار تأجيل الانتظارات إلى أجل غير مسمى، وأن في انتخاب رئيس مجلس النواب تجسيد حقيقي لمن يؤمنون بالوطن أولا في أدائهم الحزبي أو النقابي أو المدني.