عبد اللطيف الشطارة بنزينب

مرنيسة .. عالم منفرد بنفسه وكأنه جزء خارج العالم، مرنيسة هي تلك المنطقة الجبلية التي تأخذ مكانا ما فوق خريطة هذا المغرب الغريب، لكنها لا تشبه باقي المناطق جغرافيا وسوسيولوجيا وأنتربولوجيا واقتصاديا .. طبعا، لن أقول وسياسيا لأني حينها سأكون مجرد عابث.

مرنيسة .. جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب، أناسها مغاربة بالوثائق الرسمية فقط، يتكلمون الدارجة المغربية .. قليلهم متعلم وجلهم لا يدرك إن كانت العربية تكتب من اليمين إلى اليسار، أم من اليسار إلى اليمين، (أتكلم عن القاطنين بها) ..! فيها مدارس لا تشبه باقي مدارس المملكة تصلح لأي شيء إلا للتدريس، لا يحضر إليها المعلمين إلا متى شاؤوا، ويختفون تماما في أيام تكسو فيها الثلوج كل الجبال وترتفع سيولة الوديان و”تتحرحر الأرض” وتنقطع السبل، تغيب الامتحانات وتحدد معدلات التلميذ حسب أهواء المعلمين (المهم كلشي ينجح)، مستشفايتها لا كباقي مستشفيات المملكة، فلا تحمل إلا الاسم ناهيك عن اخرى لم تفتح بعد فتحولت إلى مراحيض.

مرنيسة .. هي تلك المنطقة التي تختلف بها المفاهيم، هناك النساء قوامات على الرجال، هن يشتغلن داخل المنزل وخارجه .. وأغلب الشباب إما بالسجن أو في حالة فرار أبدي، الرجال هناك يقتتلون بسبب شجرة زيتون، أو ساقية ماء او بقعة أرضية تركها الجد، او تقديم حجرة كانت تفصل بين البقعتين (الحد) أما حياتهم فمختزلة في سيجارة محشوة بالحشيش أو في غليون (سبسي) محشو بالكيف .. هناك لا معامل، لا مصانع، لا دور شباب، لا مستشفيات، لا طرق معبدة، لا مركبات ولا ولا ولا شيء يثلج الصدر .. هناك لا وجود للدولة، هناك فقط راية بالية ترفرف فوق سطح تلك الجماعات المصدعة جدرانها.

مرنيسة .. هي عالم يفتقد للأحلام، هناك يعيش الناس قسوة الواقع فقط، يتوهمون الحلم مع زيارة المرشح البرلماني الفلاني، يعدهم ويبني لهم الجنان الخضراء بكلام حقوقي تصدقه الصخور .. ينجح، يصل إلى القبة، يتخذ مقعدا مريحا ولا يغادره ثانية .. يدركون مؤخرا أنهم انتخبوا مرشحا لا يقدر على الحركة إلا كل 5 سنوات، نفس الشيء ينطبق على البيدق الجماعي.

مرنيسة .. هي تلك القرية التي كل سكانها عاطلون، وتصنفهم الدولة في خانة السكان الناشطين، فحسب منطق الدولة المغربية كل من يملك نعزة أو معزة أو دجاجة أو ديك فهو غير عاطل ..! لذلك سأعيد قولي أن مرنيسة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب.