* محمد شدادي
“إن الصعوبات التي تواجه المواطن في علاقته بالإدارة كثيرة ومتعددة، تبتدئ من الاستقبال، مرورا بالتواصل، إلى معالجة الملفات والوثائق بحيث أصبحت ترتبط في ذهنه بمسار المحارب”
هكذا بعث عاهل البلاد برسالة قوية إلى القائمين على الشأن العام ببلادنا يوم 14 أكتوبر 2016، خلال افتتاحه السنة الأولى للولاية التشريعية العاشرة.
لكن القائمين على الشأن المحلي بمدينة المنزل فشلوا في التقاط الإشارة، أو ربما فسروا أن الأمر موجه لغيرهم، مما يتطلب من السلطة العليا في البلاد إرجاع الأمور إلى نصابها وضخ دماء جديدة .. خاصة أن هذا الخلل في الفهم المسجل بدائرة المنزل يمس قضية جوهرية، قضية حياة أو موت عند ساكنة معوزة تشكو ألمها إلى الله، قضية الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية المضمونة بقوة الدستور (الفصل 31)، وقوة القوانين خاصة في الشق المتعلق ببطاقة الراميد ( قانون 65.00) والتي أصبحت بالمنزل عبارة عن “شيك على بياض” ومنة من المسؤول المحلي الذي وضع القانون في سلة المهملات وأصبح ينفذ حسب هواه، وحوّل حياة المعوز بالمنزل إلى مسار محبط، أما “مسار محارب” فلن يقدر عليه إلا أصحاب القوة والإمكانيات.
فكيف لمواطن معوز يعاني من المرض ويتنقل يوميا إلى مرافق إدارة “مهترئة” أن لا يفقد الثقة، وهو لا يلتمس الحصول على مأذونية أو ريع، بل على شهادة إدارية للولوج إلى مركز صحي .. “فيبتدئ بالاستقبال” فتواجهه موظفة، لاتعرف من التواصل إلا تبرير سخيف؛ الربط بالانترنيت مقطوع في القيادة والباشاوية، وبقدرة قادر غير مقطوعة في مقاهي المنزل؛ وتارة أخرى أن الملف نقل إلى صفرو حيث “تنبت” انترنيت “بغزارة”.
وتارة أخرى أن اللجنة المحلية لم تجتمع، لأن القائد ينظر مع المنتظرين عقد اجتماع اللجنة المحلية، بالرغم من أن المادة 15 من مرسوم 08.177. 02. (29 شتنبر 2008) بتطبيق مقتضيات الكتاب الثالث من قانون 65.00 المتعلق بنظام المساعدة الطبية، تفرض اجتماع اللجنة المحلية الدائمة مرتين في الشهر وكلما استدعت الضرورة لذلك.
فمتى سيمنّ المسؤول على الفقراء بجزء من وقته الثمين على بسطاء المدينة لكي يتكرم عليهم بشهادة إدارية يتيمة للكشف عن مرض محتمل أو الاستفادة من خدمة مكفولة بالقانون ..؟
لعل ما يبرر هذا الكلام، بعدما عاينت الجريدة حالات عدة، هو السيل من الغضب والإحباط الذي تعانيه ساكنة المنزل والضواحي من طول الانتظار للحصول على بطاقة الراميد أو الحصول على شهادة إدارية، بحجة عدم عقد اللجنة المحلية اجتماعها المفروض فيه مرتين في الشهر؛ فمن المسؤول عن هذا التأخر ..؟
هذا العقم في أداء الواجب والتواصل بين المواطن والإدارة، دفع أبناء هذا الشعب للجوء إلى الملك بصفته أعلى سلطة في البلاد لتقديم شكايات يستنجدون من خلالها الملك للتدخل لحل مشاكلهم البسيطة، حسب ما جاء في الخطاب، بسبب ضعف أو انعدام الثقة بين الإدارة والمترفقين .. فمتى سيصاب ضمير مسؤول “القرب” بعاهة الصحوة..؟ !
* أمين الفرع الإقليمي للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة – صفرو