مشروع “SOLID” لتعزيز الحوار الاجتماعي في جنوب المتوسط والحاجة إلى التزام أعضائه بأهدافه ..! {2}
تبت بالملموس أن الممارسة الديمقراطية أصبح الجميع يخاف من تطبيقاتها التي يجب أن يشعر بها من يطالب بها، ومن يستفيد منها .. وبالتالي، أن الهيئات التي تلوح بها، سواء كانت نقابية أو حزبية أو مدنية أوجمعوية هي المعنية أولا بتفعيل وجودها في المجتمعات المحسوبة عليها، مما يعني أنه بالإمكان أن نتحدث عن الديمقراطية كما يحلو لنا، لكن وجودها الفعلي مرتبط بمدى حرصنا على توفير شروط ممارستها في المحيط، أو المؤسسة أو الحزب أو النقابة التي يراد أن تطبق فيها.
إن الاتحاد العربي للنقابات ومشروع “SOLID” الذي يعرف به في هذه الاجتماعات التي ينتمي إليها المسؤولون عنه، يوضح ويصر على تجاهل حقيقة الديمقراطية التي يقر عن وجودها في ممارستها، وليس في الكلام عنها فقط، ومن لم يعترف بالآخر، وبحقه المقدس في رأيه المغاير والمختلف الذي يجب احترامه وصيانته، وإن لم تمارس هذه الديمقراطية فما القيمة من وجودها والدعاية لها ..؟ وننصح من يتكلم عنها أن يكون مستحضرا ضرورة ممارستها من قبل الآخرين ضده، ولو في مستوى الحوار فقط.
لنا في حالة ممثل الكونفدرالية المثال الحي عن هذه الديمقراطية التي يتكلمون عنها ويعرفون بها منظماتهم و لايحترمون ممارستها من خصومهم، أو ممن يختلفون معهم .. ونظن أن التساؤل الذي طرحناه في سياق مداخلتنا عن مشروع “SOLID” لم يكن هناك مبررا لممثل الكونفدرالية أن يجيب بغضب شديد، وأن يعتبر من ينتقد أخطاء منظمته من الذين ينفذون الأجندة المضادة لنقابته، التي يسيرها من يخطؤون كغيرهم من البشر وهم غير المعصومين من الوقوع في الأخطاء.
لن نذكر ممثل الكونفدرالية الديمقراطي للشغل أن نجاح وإشعاع الكونفدرالية التأطيري والنضالي في جل مراحل تاريخها ساهمت فيه الديمقراطية التي تحكمت في العلاقات بين أجهزتها المسيرة وشرائح العمال التي انخرطت فيها، ومن أن هذه المنظمة كانت دائما حريصة على تأمين الممارسة الديمقراطية في صفوفها، وفي كافة القطاعات المجتمعية الحزبية والمدنية والجمعوية .. وبالتالي، أن ما عبر عنه ممثلها، مساء يوم الثلاثاء 27 دجنبر المنصرم بالدارالبيضاء، خلال حفل اللقاء التواصلي حول “المشروع النموذجي للنهوض بالحوار الاجتماعي في الضفة الجنوبية للمتوسط” لا ينسجم مع تقاليد هذه المنظمة النقابية الأصيلة، مما يعني أننا في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لم نكن ننتظر هذا الموقف أو الجواب من ممثلها الذي سمح لنفسه بالخروج عن أعرافها والأهداف التي تتميز بها في نضالها النقابي والديمقراطي، وأنه كان أقرب إلى خصومها من خلال مفردات لغته التي كانت أقرب إلى سلوك أعداء الديمقراطية وحقوق الإنسان .. لذلك، ننصحه مرة أخرى بالعودة إلى فكر وتراث هذه النقابة التي يعود الفضل لها في إيماننا المطلق بقيم الديمقراطية والحرية التي نتعامل بها في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة.
حتى لا يفوتنا الجواب المنفعل لممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل .. نقول له ولغيره: “أن المغاربة يمتلكون الحق في إطار دستورهم والنهج الديمقراطي الحداثي الذي يعيشونه في الوطن الذي يسمح لهم بأن يعبروا عن آرائهم بحرية دون خوف أو تردد أو مجاملة، وأن مثل هذه المواقف اللاديمقراطية الرافضة للحق في الاختلاف والتعبير عن الرأي الآخر المعارض لم تعد تهمنا أو تعرقل نضالنا من أجل تكريس وممارسة الحريات العامة التي لا يخاف منها إلا من يعتقدون أنهم خارج الإجماع الوطني وخارج الزمن المغربي، الذي يتجه بخطوات ثابتة نحو تكريس المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي لا مكان فيه لهذه السلوكات السلطوية القمعية، التي لا تليق حتى بالمنظمات التي يمثلها هؤلاء في المشهد النقابي التي تعرف مدى تمكنها من الديمقراطية والحرية في أدائها لمهامها”.
ختاما، ليس لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وفي جريدتها المستقلة بريس، أي خلفيات عدائية ضد مكونات الصف الحزبي أو النقابي في الوطن، وتدخلنا أثناء اللقاء المشار إليه أعلاه، لم يكن لإفشال أي فاعل في الوطن أو خارجه، إنما فقط لنقد ما يفسد المشاريع النضالية الجادة، وتقييم أداء من يتصدرون المشهد النقابي أو السياسي أو الثقافي، انسجاما مع خطنا المستقل والديمقراطي والمواطن والحداثي والمسؤول في توجهه الليبرالي الإنساني والاجتماعي، ولن تخيفنا ردود الفعل في الالتزام بهذا الخط التحرري والديمقراطي والحداثي الذي يوجه ممارستنا النقابية والصحفية والإعلامية.