يوسف الإدريسي
في لقاء عارض مع باشا مدينة اليوسفية، أخذت خلاله المبادرة لطرح أسئلة حول أسباب فشل أو عرقلة مشاريع تنموية بالمدينة، ودور السلطة المحلية أمام هذا “البلوكاج” غير المعلن، باعتبارها الأداة المباشرة للتتبع والتنفيذ والمراقبة والتواصل والإخبار.
قبل أن يجيبني المسؤول الثاني في هرم السلطة بالإقليم، تعذر كونه لا يعرفني جيدا ولم يتذكر ملامحي بالرغم من زيارتي له في مقابلة صحفية سابقة، ما منحني الفرصة أكثر لأسترسل في كلامي، موضحا أن الإشكال التواصلي يبتدئ من هنا، حيث يعمد بقصد أو بغير قصد تغييب الفاعلين الإعلاميين “المشاغبين” عن اللقاءات التواصلية التي تنظمها أجهزة السلطة بمقاسات غير مفهومة، في محاولة لإبعاد أصوات نشاز عن قنوات الفعل التشاركي وتصريفات الأفكار الإجرائية.
رسالة بدت وكأنها وصلت بشكل مباشر وبدون تشفير، أكد ذلك نبرات السيد باشا المدينة وكلماته التبريرية والتطمينية.
لا نختلف كثيرا كون المتربعين على هرم السلطة بالمغرب يجنحون في كثير من الأحيان إلى الأساليب الكلاسيكية لاستتباب الأمن السياسي والاجتماعي بالمفهوم السلطوي لكلمة “الأمن”. غير أن طبيعة المرحلة ببلادنا تجاوزت بمسافة ضوئية هذه الرؤية النمطية التي تقوم على مفهوم أن هيبة الدولة مرهونة بتقييد المعارضين وإقصاء المشاغبين، مقابل ترميز المقربين ممن يستهوون رمي الأغرار من الناس بباقات ورود زائفة.
الآن، تغيرت المفاهيم لدى الناس بتغير سيكولوجية المواطن التي لم تعد تخضع لرواسب الزمن الماضي، زمن سنوات الرصاص. لهذا فإن أي عقم تنموي يصيب الوطن فهو ناتج عن المقاربة الإقصائية التي تحول دون تواصل الأفكار والمقترحات ودون العمل على تأسيس ثقافة النقاش الهادف بين مختلف مكونات المجتمع دونما إقصاء أو استئصال، على الأقل من أجل وطن ينعم فيه الجميع، ويستشعر فيه المواطنون أن وطنهم يسع الجميع