*فيصل زقاد
يحتفل الشعب الجزائري هذه الأيام بالذكرى الأولى لوفاة الزعيم ” آيت أحمد”، الذي برحيله فقدت البلاد قامة من قامات الثورة التحريرية العظيمة.
ما حز في قلبي في هذه المناسبة الأليمة و استفزني، هي تصريحات بعض المجاهدين “المزيفين” الذين، وبعدما أدلوا بدلوهم عن مسيرة المرحوم، وعددوا مناقبه و مسيرته النضالية التي دامت أكثر من سبعين سنة من الكفاح المسلح، إبان الثورة و النضال السلمي منذ أن استقلت الجزائر، من أجل ترسيخ الديمقراطية التي كانت شعاره و غايته، راحوا يصفونه “بالمعارض الجريء”، و هو طبعا وصف خاطئ و مغالطة للتاريخ .
فالدا الحسين لم يكن بأي حال من الأحوال معارضا و لا مناوئا، بل كان مواليا للدولة الجزائرية و محبا لوطنه، لكنه لم يرض أن يختلس منه الاستقلال عنوة من طرف كابرانات فرنسا و أزلامها، لأنه كان يرى نفسه صاحب حق (و هو كذلك)، بصفته الإبن الشرعي للثورة الجزائرية .
نعم .. الدا الحسين لم يكن أبدا معارضا، لأن المعارضين الحقيقيين هم هؤلاء الذين حلوا محل المستعمر، فتربصوا بالشعب الجزائري و سرقوا منه فرحته بالحرية، و منعوه من حقه في تحقيق مصيره بيده، بعد ما ضحى من أجل هذا الوطن المفدى بالنفس و النفيس .
لقد كان الدا الحسين مواليا للشعب، و مدافعا لقيم و مبادئ أول نوفمبر، فأبى أن يضطلع بمناصب في الدولة و استقال من الوزارات التي أسندت إليه، لأنه رأى كفاح الشهداء الأبرار و المجاهدين الأطهار يمضي عبثا، و حلم الأحياء منهم بالعيش في كنف وطن حر مستقل يتأجل إلى أجل غير مسمى .
أما أكثر شيء استفزني يوم وفاته هو الإطناب في ذكر مآثره من طرف بعض المنتسبين للصحافة “ظلما و بهتانا”، بعدما ملؤوا جرائدهم الصفراء بالتجريح في شخصه عندما كان حيا يرزق، حين تم وصفه بالعميل، بسبب موقفه الرافض لإيقاف المسار الانتخابي ذات يوم من سنة 1992 .
لقد رحل “الدا الحسين و في قلبه حرقة ما بعدها حرقة، فالرجل لم يكن ذنبه إلا أنه دعا إلى تنظيم ندوة وطنية لتقديم تصور للخروج من الأزمة التي ألمت بالبلاد، فبعدما كان المناضل الفذ و الأب الروحي للثورة، أصبح ينعت بالمعارض و الخائن لوطنه .. فرحم اللـه فقيد الشعب و عظم اللـه أجرنا في مصابنا الجلل .
* فيصل زقاد محامي و ناشط حقوقي جزائري