إنما الأقوال بالنيات، و لكل معنى فاهمٌ و مستوعب : السيف و الكتاب بين الماضي و الحاضر
ذ. عبد اللـه عزوزي
لما أراد الشاعر أبو الطيب المتنبي أن يمجد السلطة و النفوذ، و حاجة “الدولة الإسلامية” إلى الهبة و قوة الحسم والردع اتجاه خصومها وأعدائها الذين يهددونها في استقرارها و كيانها، فإنه دعى إلى استعمال السيف، كرمز للقوة، مقدما إياه في القيمة و الفضل عن قيمة وأهمية الكتاب، فقال:
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ *** في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في *** مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
لكن، مع مرور الوقت وتطور الإنسان، أصبح الإنسان يجنح للحوار و الدبلوماسية و السلم، نابذا العنف و أسباب الحرب، جاعلا، من الكتاب شيئا يقترب من المقدس، باعتباره رديفا للمعرفة والنور والفن والتحضر والنبل ( كطابع تميزت به طبقة النبلاء / البورجوازية).
اليوم ، و بشوارع المغرب خاصة، و في أعقاب فشل المنظومة السياسية و التربوية و الإعلامية والقيمية، يعود الكتاب إلى وضعه كما كان في زمن المتنبي، ناكصا و ناقصا و مترديا، و ليحتل لمعان سيوف المجرمين و المشرملين أزقة المدن المغربية و ظلام عقولَ شبابٍ يقدم نموذجا غير مسبوق في تاريخ البشرية عن ظلامية فكر الإنسان المغربي عندما يتحلل من القيم و الخوف من سلطة القانون.