عبد الصمد لفضالي
المفكر و الباحث الإيطالي في مجال التاريخ الاقتصادي ” كارلو سيبولا ” قال لا يجب تصنيف البشر حسب العرق و الدين و اللغة، و إنما حسب نتائج أفعالهم، لأن الأفعال وحدها لها الثأتير علينا و على العالم، و قسم هذا المفكر الإيطالي الجنس البشري إلى أربعة أصناف .. الصنف الأول، الذين تنتج عن أفعالهم المنفعة لهم و لغيرهم وهم العقلا٬ .. والصنف الثاني، الذين تنتج عن أفعالهم المنفعة لهم و المضرة لغيرهم و هم الأشرار .. و الصنف الثالث، الذين تنتج عن أفعالهم المضرة لهم ولغيرهم و هم الحمق .. و الصنف الرابع، وهم الذين تنتج عن أفعالهم المضرة لهم و المنفعة لغيرهم و هم الأغبياء٬ و توازيا مع أفكار هذا المحلل الاجتماعي و الواقع الذي تعيشه المجتمعات، فإنه يظهر جليا بأن المجتمعات المتقدمة و العريقة في الديمقراطية ارتقت إلى خانة الصنف الأول من البشر الذين تنتج عن أفعالهم المنفعة لهم ولغيرهم، و سخروا القانون و بكل صرامة ضد صنف الأشرار الذين تنتج عن أفعالهم المنفعة لهم و المضرة لغيرهم، و جعلوهم ينقرضون أو يكادون داخل السجون، أما صنفا الحمقى و الأغبياء فقد أقاموا لهم مؤسسات استشفائية لعلاجهم و إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم، في حين أن المجتمعات الأخرى و من بينها معظم المجتمعات العربية و الإسلامية، فإنها تتخبط في صراعات – مرت بها المجتمعات الأوروبية في العصور الوسطى – كالطائفية و المذهبية و النعرة العرقية بزعامة عملاء داخليين مجيشين من طرف قوى خارجية بهدف إرغام هذه المجتمعات على التبعية أطول وقت ممكن و استغلالها كسوق لبيع أسلحتهم و تجريبها.
جهويا عوض أن نقتفي آثار الدول الأوروبية التي بعد تحقيق و بناء الإتحاد الأوروبية ( 28 دولة ) باقتصاد متناسق و عملة موحدة، و السعي لإنشاء جيش موحد استعدادا للتحديات المستقبلية، يزرع – بضم الياء – داخل مجتمعاتنا منظري الفتن و الذين يدخلون حسب نظرية كارلو سيبولا في صنف الأشرار مع بارونات الفساد، حيث يركبون هؤلاء الأشرار على التباينات العرقية و القبلية و المذهبية و حركة الانفصال، و مؤخرا الحركة الشيعية من أجل نسف أي وحدة بين شعوب المنطقة ( الإتحاد المغاربي )٬ بل يسعون حتى إلى تقزيم الوطن الواحد و انتهاك حقوقه الوحدوية ( استهداف المغرب في وحدته الترابية ) .. إن هذه الفتن ما إن تنبت في مجتمع ما إلا و أضاق بعضهم بأس بعض و دمروا تدميرا .
و رجوعا إلى المفكر الإيطالي كارلو سيبولا في كتابه الشهير ” القوانين الجوهرية للغباء الإنساني ” قال بأن هناك شريحة ثابتة من الأغبياء الذين يمارسون حقهم الانتخابي٬ ثم يؤكد بأن الانتخابات توفر لهذه الشريحة – أي شريحة الأغبياء – فرصة رائعة كي تسيء إلى الآخرين جميعا، دون أن تجني لنفسها أي فائدة من ذلك، سوى المحافظة على نسبة ثابتة من الأشخاص الأغبياء بين أولائك الذين يملكون مفاتيح السلطة، و كإضافة إلى نظرية كارلو سيبولا يمكن القول حسب رأيي بأن شريحة الناخبين الأغبياء تعطي كذلك فرصة ذهبية لوصول معظم الانتهازيين و ناهبي المال العام و الرعاع إلى كراسي المسؤولية .