الدرس الانتخابي البرلماني ل. 07 اكتوبر المنصرم واستمرار التهافت الحزبي المفضوح ..!
كيفما كانت تأويلات الذين يناقشون مسألة تأخر الحزب الفائز بصدارة النتائج في تشكيل الحكومة، وحتى هجوم صقور “البيجيدي” على ضمان الملك لاستمرار الدولة، لا يجب أن يعتقد أصحابه أنهم بصدد شرعية انتخابية شعبية تسمح للحزب الفائز بها اختيار حلفائه على إيقاعها .. وعلى هؤلاء، استخلاص الدروس الديمقراطية من أن نسبة 43 %، لا تمنح الشرعية لأحد، كما أن التصويت العقابي ب. 25 %، في المدن لا يسمح لأحد بادعاء شرعية الفوز الديمقراطي .. وبالتالي، فنسبية النتائج تعطي لمن يريدون المشاركة في الحكومة الحق في طرح مطالبهم على من سيقود حكومة التحالف للولاية الجديدة، لكن هذا لا يعني القبول بالمشاركة بالابتزاز السياسي الذي تلوح به هذه الأحزاب التي تحول جلها إلى مجرد دكاكين انتخابية فقط، والتي يجب أن تعي الدرس من التصويت العقابي على برامجها ومرشحيها، خاصة في المدن التي لم تتجاوز فيها نسبة التصويت 25 %.
إن المشروعية الديمقراطية تقتضي من الأحزاب التي فتح معها بن كيران الحوار أن تكون في مستوى وزن حزبه الانتخابي، وأن تتعاون معه في الإسراع بخطوات تشكيل الحكومة الجديدة، كما يجب على رئيس الحكومة المكلف تجنب اتهامه لهؤلاء المجهولين الذي يريدون فرملة حكومته، لأن المغرب بعد دستور 2011، تجاوز ما يعتبره تحكما ومخزنا، إلا إذا كان لا يزال يشكك في التحول الديمقراطي الذي يعيش فيه الوطن والذي شكل نجاحه فيه إحدى علاماته المضيئة.
لا أحد إذن كما تعبر عن ذلك الأرقام ودلالاتها بإمكانه استعراض العضلات .. ولعل ملاحظات وتوجيهات جلالة الملك لما يجب أن يكون عليه التحالف الحكومي المقبل خير جواب على الأحزاب جميعها التي تمارس التهافت لنيل الحصة من الكعكعة الحكومية .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن بن كيران معني بطرح برنامج حزبه الذي سيكون هو الأرضية التي تتفاعل معها برامج الأحزاب التي ستشارك في التحالف الحكومي، فماذا ينتظر لطرحه، خاصة بعد أن حدد جلالة الملك الأوراش التي ستعمل فيها الحكومة المقبلة، اللهم إن كان يريد الحزب الفائز الركوب على برامج الأحزاب الأخرى وقطف ثمارها لتكريس شرعية فوزه بدون برنامج واضح في أهدافه ومجالاته.
يقودنا هذا التحليل إلى أنه ليس هناك “بلوكاج” لتشكيل الحكومة، وعلى المكلف بتشكيلها أن يدرك ما ينتظره في الولاية التشريعية الثانية، لأن هامش الخطأ ستكون ضريبته كبيرة على الاستقرار والانسجام في العمل الحكومي المقبل، كما أن انتظارات الوطن والمواطنين لم تعد تقبل باستمرار نمط التستر القائم على التهافت الحزبي الذي تفاقمت خلاله الأزمة في كل القطاعات وتزايد تداعياته السلبية في كل جوانب السياسة الحكومية التي تشرحها المؤشرات والمعدلات التي عرضتها تقارير المؤسسات الوطنية والدولية .. فهل سيرفع حزب العدالة والتنمية من التحدي ضد من يحاول أن يقوم به أصحاب “البلوكاج” لمنع تشكيل الحكومة ..؟ وهل سيختار الذين يتحالفون معه على أساس برنامج تنموي توجهه الأولويات التي حددها جلالة الملك للحكومة المقبلة ..؟ وهل يمتلك فوق كل هذا ما يضغط به على الحلفاء المحتملين ..؟ فكيفما سيقرر الرئيس المكلف لترجمة الإجابات الممكنة عن هذه الأسئلة، وكيفما ستكون الحكومة المقبلة التي ينتظرها المغاربة، فإن قضية الحسم في تداعيات هذا “البلوكاج” تتطلب من الفاعلين المعنيين التساؤل عن إمكانيات الخروج منه وتجاوزه، بدل هذا الحوار الذي يشرعن هذا “البلوكاج” الذي يقلل من شرعية كافة الأطراف المشاركة في هذه المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف حتى الآن.