يوسف الإدريسي

قبل أن أنطلق في صياغة هذا المقال التوجيهي، وإن كنت أعتقد أني لست أهلا لأمارس الأستاذية على أحد بإعطاء الدروس والتوجيهات، غير أن ما أبان عنه اليوسفيون عقب فيضان الأحد الأسود من اقتدار في الموقف وصلابة في الإجراء، يستوجب الوقوف باعتدال، حين تطوع أحرار الإقليم من تلقاء أنفسهم لإنقاذ الضحايا وانتشال المفقودين دون انتظار أجر أو مقابل أو شيء من هذا القبيل، بل أكثر من ذلك، نظموا أنفسهم في وحدات شعبية وسهلوا مأمورية السلطات المتدخلة، وكأن لسان حالهم يقول؛ نحن أسمى مما ينتهج ضدنا بإمعان شديد في ترسيخ دونية مقيتة على عدة مستويات وأصعدة، مما دفعهم إلى سلوك منهج الاحتجاج السلمي في إطار حراك مطلبي صاف دون تلوين أو انتماء.

كوني جزءا من ساكنة إقليم اليوسفية، حيث كانت لي أول صرخة لي في دنيا المتاعب والابتلاء، أحتفظ بحقي في المشاركة بتوجيهات، إن نفعت فهو ذاك، وإن زاغت فسيكون لي أجر الاجتهاد ولكم أجر تجاوزها ونسيانها، لهذا السبب أستأذنكم في دخول عرسكم النضالي ومناقشة حيثياته بدون سابق إنذار وبوجود رابط يجمعني بكم

لا شك أنكم رفعتم رؤوسنا عاليا، وأنا الذي كنت شاهدا على تفانيكم في البحث عن المفقودين وانتشالهم من تحت أكوام الوحل، لكن يبقى عليكم الآن أكثر من أي وقت مضى، تكتيل جهودكم في متابعة الوعود التي أغدقت عليكم عقب الفاجعة من طرف عامل الإقليم ورئيس الجهة والبرلمانيين ورؤساء المجالس المنتخبة وآخرين .. هذه مسؤوليتكم ومسؤولية كل فعاليات المجتمع من حقوقيين وجمعويين وإعلاميين وغيرهم من أحرار الإقليم وأبنائه البررة.

الكلمة الفصل لكم أنتم وحدكم دون غيركم ممن يتاجر بمعاناة البؤساء من أجل كراس فارغة يباهي بها أمام الملإ. أنتم وحدكم من بإمكانه حصرا تحديد بوصلة الحراك وأهدافه وغاياته .. كونوا قوة اقتراحية باستثمار الدعم الشعبي لقضاياكم العادلة والتي على رأس قائمتها الكرامة والعيش الشريف .. حصنوا جسدكم من الاختراق واحتواء مطالبكم المشروعة، فالأكيد أنكم ستجدون أمامكم أصواتا مثبطة تنتقدكم لنضالاتكم واصطفافكم إلى جانب المستضعفين .. فلتكن عزيمتكم وقتها أقوى من دهاء خصومكم.

لا تنسوا وأنتم على طاولة الحوار أسرة الفقيد البوعزيزي عنوان حراككم وباعث نضالاتكم، الوفاء مسلك الوصول وإن شق سبيله، لهذا أهيب بكم أنتم أحرار اليوسفية أن تلتفوا حول ذواتكم ولا تلتفتوا إلى نقيق الضفادع التي لا يمكنها أن تتوقف على النقيق لأن وجودها يتوقف على النقيق ذاته .. وفقكم الله إلى ما أنتم أهل له.