ماذا بعد فضيحة تمرير قوانين التقاعد يامركزياتنا النقابية ..؟
لعل قيادات مركزياتنا النقابية التي مررت قوانين التقاعد بالطريقة المسرحية التي لا زالت موضوعا للتعليق والنقد والسخرية يترقبون ردود فعل قواعدهم وعموم الموظفين في القطاع العمومي، الذين انخرطوا في الاحتجاجات والإضرابات التي نظمتها هذه المركزيات من أجل أن تكون قوانين التقاعد ملائمة لتطلعات كل فئات الموظفين المرتبطين بالصندوق المغربي للتقاعد.
إن التصويت على قوانين التقاعد، وبهذا الأداء المسرحي المفضوح يفتح الشهية للاستفسار عن خلفيات هذا الموقف المثير للجدل، سيما في الغرفة الثانية التي تمتلك فيها المعارضة والأغلبية .. إنه تصويت يحفز المبدعين والمعلقين على إغناء وعي المغاربة بما يتم طبخه من قرارات وتدابير وإجراءات ليس على يد الحكومة وحدها، بل من طرف المفروض فيهم أن يكونوا على نقيض ذلك .. فعلى من يضحك مسؤولو مركزياتنا بعد اتضاح معالم التواطؤ والانحراف، وخيانة الأمانة والرسالة والمبادئ النضالية والنقابية، كما عبر عن ذلك نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في تعليقه على رفض الطعن ضد شرعية التصويت على قوانين التقاعد في المجلس الدستوري ..؟
إن لم يكن نائب الكاتب العام مقتنعا بقرار المجلس الدستوري، وغير مؤهل لتفسير موقف نقابته، فعليه أن يصمت على الأقل حتى ينسى المغاربة والمناضلون واقعة التصويت على قوانين التقاعد، وإن لم تكن أركان الجريمة التي ارتكبت في حق المغاربة لا ناقة للنقابات فيها، فعليه أن يعرض نفسه على أي طبيب لكي يتأكد من سلامته من أمراض العيون، خاصة مرض الحول في التميز البصري، وله أيضا مراجعة مسرحية التصويت حتى يتأكد من صحة الجريمة النقابية الواضحة المعالم التي ارتكبها ممثلو المركزيات التي خاضت عدة معارك لوقف مناقشة وتمرير قوانين التقاعد.
من حقنا في المستقلة بريس، أن نسائل مسؤولي المركزيات التي مررت قوانين التقاعد عن المسكوت عنه الذي أرغمهم على اللجوء إلى هذا التصويت الذي يدين شرعية وجودهم، والمواقف المعلنة اتجاه قوانين التقاعد، الذي كان من المفروض أن لا يمرر في مجلس المستشارين، فماذا تنتظر قيادات المركزيات لتشرح وتبرر أسباب لجوئها إلى هذا التصويت لصالح المشروع الحكومي ..؟ وهل هناك ما يمنع هذه القيادات من ممارسة النقد والنقد الذاتي لاستعادة ثقة مناضلي هذه المركزيات ..؟
لن ننوب عن مناضلي المركزيات التي ارتكبت جريمة تمرير قوانين التقاعد .. فالجميع يهنئ المستشارين الذين نجحوا في أداء الأدوار المطلوبة في مسرحية التمرير، والتي يشكرون عليها بعد فترة التسخين والوقفات والإضرابات والاحتجاجات التي قامت بها هذه المركزيات لمنع الحكومة من فرض هذه القوانين، التي لم يساهم العمال في صياغتها والتوافق عليها في جلسات الحوار الاجتماعي .. ونظن في المستقلة بريس، أن مسؤولي المركزيات معنيون بمراجعة مواقفهم وإقناع قواعدهم العمالية بحقيقة ما وقع في مجلس المستشارين.
لا أحد يختلف معك يا نائب الكاتب العام في ضرورة النضال النقابي للمحافظة على مكاسب الطبقة العاملة في جميع القطاعات، إلا أن ترجمة هذا الالتزام من قبل المسؤولين النقابيين هو الذي يجب أن يكون موضوعا للمساءلة المستمرة من قبل القواعد التي انتخبتهم لهذه المسؤوليات في المنظمات النقابية.
وما يجب الإشارة إليه، هو أنه من الصعب استمرار الضحك على الذقون يامسؤولينا في مركزياتنا بعد فضيحة التمرير التي تتحملون نتائجها، وإن لم تحترموا المبادئ التي تتحكم في سلوك المناضلين والمسؤولين داخل مركزياتكم النقابية، فبإمكانكم تبرير سلوكاتكم وفق ما ترونه ملائما لظروف الإقدام عليها، ويظل قراركم في مجلس المستشارين عار عن الصحة، وفي حاجة إلى ما يبرر اللجوء إليه، وذلك أضعف الإيمان.