يوسف الإدريسي
لا شك أن الضحك هو وسيلة للتنفيس عن أجواء الاختناق التي يعيشها الإنسان جراء وتيرة تسارع التغيرات الاجتماعية، بهدف تحصيل توازن نفسي هو في حاجة إليه، وإن كانت لا توجد ضرورة حتمية لإرغام الناس عليه، أو توظيف مسالك ريعية لإظهار الضحك أو التظاهر به.
مناسبة هذا الكلام، هو تنظيم مهرجان للضحك بمدينة اليوسفية على مقربة من عيد الأضحى والدخول المدرسي من طرف جمعية محلية بدعم سخي من المكتب الشريف للفوسفاط وشراكة رمزية للمجلس الإقليمي باليوسفية، في وقت يتجه اليوسفيون نحو شبه إجماع كون مدينة اليوسفية تحتضر في عدة مستويات قطاعية، ولعل ما يؤكد ذلك تقارير اللجن التفتيشية وبعثات الافتحاص المالي للمؤسسات، والمواكبة الإعلامية، وآخرها تقرير القناة الثانية الذي صب الزيت على النار، كما أن مؤشرات الهشاشة الاجتماعية التي وصلت في مدينة اليوسفية، حسب إحصاء 2014، إلى أكثر من 15 ألف مواطن من أصل 67000 ألف يعيشون الهشاشة ويرزحون تحت عتبة الفقر، لخير دليل على سوء اختيار المكان والزمان لتنظيم المهرجان.
وحين وصف توماس هوبيز الضحك بأنه “المجد المفاجئ” كونه تعبيرا عن التفوق، وأن السخرية لا يمكن أن تؤدي إلى الضحك إلا إذا كانت مصحوبة بشعور بالتفوق تجاه ضحية السخرية، فهو كان يعتبر أن هذا الأسلوب يدخل في باب التعبير الحر دون إظهار العجز والحاجة الملحة إلى الدعم الرسمي، بهدف الرفع من مستوى الوعي عند البؤساء من الشعب، في معادلة لا تستقيم.
هكذا يستغل خبراء الريع الجمعوي شعار “بالضحك نرتقي” لإقامة مهرجانات كأسلوب ووسيلة لتدجين المواطنين وإلهائهم عما يعانونه من قسوة العيش وظلم التدبير المؤسساتي، لذا يجب إعادة النظر في التعاطي الإعلامي مع هذه المهرجانات، التي يرمي منظموها إلى توهيم أو استمالة الجسم الإعلامي حتى يصير عضوا في جوقة تطبل وتروج للابتذال الفني معنى ومبنى.
إن ما يحتاجه اليوسفيون هو فتح أوراش تنموية تستفيد منها البلاد والعباد بتوفير مناصب شغل تتساوى فيها شروط الأحقية وليس الزبونية، يحتاج هؤلاء إلى وقفة رجل واحد ليس على منصة مهرجان الضحك، بل على منصة الوعي والتعبئة ومناهضة مصاصي دماء المستضعفين في هذه المدينة، نحتاج إلى مسؤولين أقوالهم كأفعالهم على الأقل لطمأنة ما في النفوس التي اهتزت بسبب النفاق السياسي والحربائية المصلحية.