حتى لا ينحرف التنافس الحزبي الانتخابي عن مبادئ الصراع الديمقراطي
أمام اتضاح هوية الصراع الحزبي وخروج أطرافه عن أبسط مبادئ الصراع الديمقراطي، أضحى السؤال عن مبررات هذا الصراع الذي انحرف عن ما يجب أن يكون عليه، و وفق التوقعات المحتملة، فإنه بدون ضبط النفس والتراجع عن هذا الهجوم الذي لا توجهه قيم التنافس الديمقراطي، سيكون مشهدنا السياسي الذي نتطلع جميعا في أن يكون قادرا على منافسة التجارب الديمقراطية عكس ذلك.
نعم لطرح المشاريع والتصورات في البرنامج الحزبي .. ونعم أيضا لاستخدام كل الوسائل للدفاع عن هذا البرنامج من أجل كسب ثقة الناخبين، لكن عرض البرنامج الحزبي بهذا الخروج العدمي والاستئصالي ضد بقية المتنافسين يجسد ضعف وعمق التخلف الذي لا يزال يتميز به المشروع الانتخابي الحزبي، سواء عند أحزاب اليمين أو اليسار أو الوسط، مما يستوجب الإقلاع عن هذه السلوكات الحزبية التي تقتل أبسط المشاعر المتفائلة بتطور مشهدنا السياسي والانتخابي.
لن نكون في المستقلة بريس، أحرص على العرس الديمقراطي من هؤلاء الذين يكرسون وجوده الفعلي ويتطلعون إلى أن يكونوا مستفيدين من نضجه وتحسنه .. فما أحوجنا إلى اللاعبين الذين يقدرون نعمة المناخ الديمقراطي في بلادنا، وما يمكن أن يتحقق في وجوده، بدل هذا الإصرار المرضي من قبل هؤلاء الذين يحرصون على التعامل بهذه السلوكات المغرقة في العدمية والظلامية اتجاه منافسيهم، والتي تمس بمشروعية التنافس النزيه والشريف الذي يقوم عليه الصراع الديمقراطي الانتخابي الذي لا يمكن أن يتلاءم مع وجود هذه العقلية الهيمنية التحكمية القهرية.
إذن، شرعت أحزابنا في التحرك قبل موعد الانتخابات في التعريف بقدراتها والمؤهلات التي يتمتع بهام مرشحوها، وبالمستوى المتقدم في ثقافتها الحزبية، وفي أداء مناضليها .. ويا ليت أن يكون هذا هو السلوك الممارس على أرض الواقع حتى نطمئن بأن الاستحقاق البرلماني سيجري في أرقى الشروط والظروف، بدل هذه الحروب الجاهلية التي يستعرض فيها كل حزب ما يمتلكه من نفوذ وقوة وحضور، في الوقت الذي يكشف فيه الواقع انعدام أبسط مقومات الوجود التأطيري والتنظيري التي تشفع لأي حزب بهذه الدعاية التي تتعارض وحقيقة واقعه الفعلي في المشهد الحزبي والانتخابي.
هل ستحرص أحزابنا على تفادي هذه السلوكات الضارة والجاهلية وتنخرط في التنافس الانتخابي، وتشتغل على مبادئه وقيمه وقواعده الديمقراطية ..؟ وهل ستدافع هذه الأحزاب على اختلاف هوية مرجعيتها على برامجها ومرشحيها بما سيسمح بنضج وتطور الممارسة الانتخابية التي يتطلع إليها اختيار المشرعين بعيدا عن وسائل الإفساد الانتخابي واستغلال ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية ..؟
سننتظر ما ستقوم به الأحزاب المتنافسة للحكم عليها وتقييم طبيعة تحضيراتها للاستحقاق البرلماني .. وما يترقبه المواطنون هو إقلاع المشاركين عن السلوكات المهددة لمصداقية النزاهة التي يجب أن تعرفها العملية الانتخابية في جميع مراحلها، إن كان هناك إيمان حقيقي بالديمقراطية التي يجب أن تفرز النتائج التي تعكس مدى قوة هذه الأحزاب في تقديم الأفضل للناخبين تعلق الأمر بالمرشحين أو البرامج الانتخابية.