سياسة الاستغباء
عبد الصمد لفضالي
من الأمور التي تبين جليا بأن بعض القياديين السياسيين تطفلوا على السياسة عبر أبواب نفوذهم المالي والريعي .. خرجاتهم اللامسؤولة التي تظهر بأنهم يتحركون داخل محيط يصفق لهم “على خلاها وعمارتها” مقابل مصالح مادية حسب درجة الولاء والخدمات على حساب القاعدة الواسعة من أتباعهم السذج، وهكذا يتوهم هؤلاء القادة “السياسيون” بأنهم أينما حلوا وارتحلوا سيصفق ويهلل لهم، وأن الناس من طينة واحدة، ويجهلون أو يتجاهلون، بأن من سنن الحياة استحالة خداع جميع الناس طول الوقت، ومن الخرجات اللامسؤولة ماتفوه به الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، من أجل استمالة شريحة الشباب، للصالح الحزبي على حساب الأخلاق والمبادئ عبر ” الفيديو” المشهور الذي قال فيه ما مضمونه بأن الشاب الذي لا يملك مالا يشتري به قهوة أو سروال أو نظارة “رابن” بنت الحي (ما تتبغيش تصاحب معاه)، وكأن المعطلين لايبحثون عن العمل إلا من أجل اتخاذ خليلات خارج عقد الزواج، كما أن هذا التصريح يعد تحريضا على التطبيع مع الميوعة، وتدميرا لما بقي من الأخلاق، وتشجيعا على التحرش الجنسي الذي أضحى مجرما -بفتح وتشديد الراء- حتى في المجتمعات اللائكية، كما يعد هذا التصريح إهانة للمنتمين للحزب، باعتبار أن كبيرهم ليس له أي علاقة مع السياسة ولا أي صلة مع الواقع الاجتماعي للمجتمع الذين ينتمون إليه.
وفي سياق هذه الخرجات الغير محسوبة، سبق لإدريس لشكر الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، وذلك من أجل استمالة الشريحة النسائية على حساب الشرع الديني أن دعا إلى المساواة في الإرث، وكأنه وجد الحلول لجميع مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية، ولم يتبق له إلا ملف الإرث (راه مابقى عندنا إرث راه مازال غير عندكم) أنتم الذين تراكمون الثروات، كما أن حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، وفي بداية مشواره “القيادي”، سئل عن خرجاته السياسية الغريبة، فلم يجد حرجا أن يجيب بأنه يصاب بالصداع إن لم ير اسمه في الصحف، أي أنه كان مولعا بالإثارة والإشهار.
وسأختم مقالي هذا بالبرلماني الذي لم يجد في جعبته مايبرر به وجوده داخل قبة البرلمان إلا بدعوته إلى إعادة فتح “بويا عمر”، أليس هذا هو “بويا عمر” بعينه ..؟ عفوا لا أقصد شخص “بويا عمر”، ولكن أقصد المعتقل الذي كان يدار باسمه.
إن السياسة الداخلية لدى الدول العريقة في الديمقراطية تتجلى في الحرص على رفاهية المواطن أولا، ثم تجنب المشاكل والأزمات قدر المستطاع، والاستعداد لمواجهتها، وحلها في حال وقوعها، وذلك من طرف الحكومة والمعارضة على السواء، وليس الركوب على هذه المآسي للوصول إلى كراسي القرار، في حين أن هؤلاء “السياسيين العباقرة” يسيرون بنا رغما عنا إلى ما نجهل عواقبه، فهل من حياة لمن ننادي ..؟