العرب ومؤتمرات القمة لإنتاج المزيد من الأوهام والأحلام ..!
تستعد موريتانيا يومي 25 و26 يوليوز الجاري، لاحتضان القمة العربية الجديدة في ظل الوضع العربي المتفجر والمتأزم على جميع الأصعدة .. ويراود من سيحضرون هذه القمة الإحساس بالمسؤولية القومية العربية التي انهارت بعد استئساد أصحاب الثروة في الوطن العربي، وفرض نفوذهم على الجامعة ومؤسساتها، ومنها مؤتمر القمة الذي تحول المتحكمون في الثروة داخله إلى تيار لفرض القرارات التي لا تخدم العرب، والعبث بميثاق الجامعة الذي تتجلى نتائجه في الوضعية التي لا يحسد عليها العرب اليوم .. ومن دون شك، سيكون لقاء القمة لتصريف الخلافات وتبادل الاتهامات وجلد الدول التي لن تحضر القمة، نظرا للظروف التي تعيش فيها .. وستنتهي القمة بإصدار التوصيات في بيان لن يخرج عن المعهود في مؤتمرات القمة السابقة.
لا شك أن المتتبع للواقع العربي يعرف دور دول الخليج المرتبطة بأمريكا ومن ورائها إسرائيل، ويعرف أيضا حقيقة ما يجري في الدول العربية منذ تحول الربيع العربي الديمقراطي إلى خريف مستورد للفتنة والانقسام والحرب الأهلية والصراعات الطائفية والمذهبية وتدخل الدول الغربية المباشر لدعم الأطراف العربية المرتبطة بها، ولا يتوقع أن تكون هذه الأحداث الجارية مقدمة لترجمة المشروع الوحدوي القومي العربي الذي رفعت شعاراته في تظاهرات الربيع الذي انتهت صلاحياته بعد أن تمكنت دول الثروة النفطية من السيطرة على القرار العربي وتسخيره لخدمة مصالحها التي تنتهي مع مصالح الغرب في المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط.
لم يعد الرهان مطروحا على القمم العربية التي أصبحت تنعقد لمجرد الانعقاد والدعاية الإعلامية فقط، بأن للعرب كيان قوي قادر على تلبية رغبات العرب والرفع من مستور واقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومنذ قمة بيروت تراجع الاهتمام بما يمكن لمؤتمر القمة أن يفعله لصالح العرب إلى درجة أن الحضور الرسمي تراجع إلى حد كبير وأصبح لا يتعدى ممثلي رؤساء الدول، أو في شخص رؤساء الحكومات فقط، وإلى أن تتحول هذه القمة إلى مجرد لقاء لإنتاج المزيد من الأوهام والأحلام التي تكرس هذا الواقع الكارثي الذي يوجد عليه العرب، والمخطط له سلفا من الدول الغربية التي تبحث باستمرار عن ما يؤمن مصالحها في المنطقة العربية.
إن الزعماء العرب الذين لم يعودوا ملتزمين بالحضور لمؤتمر القمة يعرفون حقيقة المأزق الذي أصبح عليه الكيان الذي سيجمعهم في شخص الجامعة التي لم يعد لقراراتها أي أثر إيجابي، وأن استمرارها منذ تأسيسها سنة 1945، عقب الحرب العالمية الثانية، لم يعد مؤهلا لتحقيق الأهداف التنموية والتحررية والديمقراطية التي يتطلع إليها العرب، وأن العرب اليوم أصبحوا مجبرين على تحويلها إلى اتحاد عربي جديد وبمواصفات الاتحادات الجهوية المجاورة كالاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي، وعسى أن يأتي بالجديد لصالح الجماهير العربية المتعطشة للوحدة والتقدم والديمقراطية، وللبديل الذي يخرجهم من المأزق الحالي الذي لا يخدم إلا أعداءهم في جميع المجالات، والذي تأكد أن الخروج منه لا يمكن أن يتم إلا في كيان عربي جديد يتوفر على كل الشروط التي تجعل منه منبرا وحدويا وقوميا حقيقيا يمكن أن يناقش ويقرر في الواقع العربي في استقلال عن مراكز الهيمنة الدولية التي لم تكن ولن تكون مع تطلعات العرب في استقلال قرارهم السياسي والاقتصادي والثقافي.