* تطوان / حسن لعشير
في مدخل كل إدارة عمومية أو خصوصية توجد ملصقات على جدرانها، تحمل عبارة تحسيسية بخط بارز، بلون أحمر ( وياكم من الرشوة )، ما حول هذه المواجهة إلى ما يشبه الحملات الإشهارية التي تبدعها الشركات الإنتاجية، لترويج منتوجاتها. هذا يعني أن الحكومة الإستسلامية ( استسلمت لأمر الواقع ) عوض أن تحمل المسؤولية للقائمين على تدبير الشأن العام ـ كل حسب اختصاصاته ـ تحملها للمواطن البئيس المغلوب على أمره، تحذره بالعبارة الإشهارية التي صارت كالمعلقات السبع في الشعر الجاهلي.
لا يخفى على كل لبيب أن ظاهرة الرشوة وبشهادة كل الفاعلين الجمعويين الحقوقيين والسياسيين النزهاء صارت وباء سرطانيا ينخر اقتصاد البلاد والعباد، ليس في الإدارات فقط، بل يتعاظم حضورها في ظل منظومة الفساد حتى في حركة السير والجولان عبر الطرق، بسبب القانون المجحف وفساد العقلية المتحكمة في تفعيله واقعيا، لأن المشرع كان غبيا وساذجا عندما رفع قيمة المخالفات لأحكام مدونة السير على الطرق، وفي نفس الوقت جعل السلطة التقديرية التي تفترض أن تكون حكرا على القاضي بما أنه حكم محايد بين متنازعين تمتد إلى شرطي المرور، ليصبح هذا الأخير حكما وخصما في لحظة واحدة، يملك الصلاحية التامة ليجعل مضامين مدونة السير سلاحا له، يضعه في رقبة المخالف لضوابط السير على الطرق، يتصرف معه حسب المزاجية والإنفراد بالقرار.
من بين الظواهر السلبية التي تعبر عن هذه التناقضات، ما تشهده مدينة تطوان من تراكمات واختلالات وفيرة، تستدعي بالضرورة الوقوف عندها وقفة تأمل حقيقية، لتدارك مخاطرها، تتجلى فيما لاحظه العديد من متتبعي الشأن المحلي عن كثب من تصرفات لا مسؤولة دأب عليها عنصر من أفراد هيئة المرور لأمن تطوان المسمى: (ع . المجد ـ الماوي). وحسب معلومات دقيقة إنه يستغل موقعه السلطوي ( حكم وخصم في آن واحد )، يتصرف مع مضامين مدونة السير على الطرق وفق نزواته الشخصية، تراه في ركن من أركان المدارات الطرقية يشغل الهاتف المحمول وقتا مديدا ويترك حركة المرور عرضة للاختناق والعرقلة الكبيرة، لا سيما في أوقات الذروة، ما فتئ وجوده في الأماكن المرصودة وجودا سلبيا بلا جدوى. كما سجلت عليه مؤاخذات عدة أبرزها إنه يلح على العديد من السيارات بالتوقف بذريعة ارتكابها إحدى المخالفتين : عدم احترام حق الأسبقية أو عدم استعمال حزام السلامة، لكن بفضل تجربته الطويلة في الميدان وحنكته القوية يتعامل مع المخالفين بعقلية متطورة ويميز بين الأشخاص فيدخل مباشرة في نطاق المساومة لتحقيق مآربه الشخصية على أساس بنود مدونة السير التي يضعها على الهامش. وقد صار على هذا المنوال طيلة عقود من الزمن، لكن اليوم مع والي الأمن المعروف عنه لدى العام والخاص بتحركاته الأمنية على جميع الأصعدة حتى أعاد الأمن والاطمئنان في نفوس المواطنين وفي كل النقط التي كانت سوداء، كما تحقق استتباب الأمن في كل محيطات المؤسسات التعليمية.
أما على واجهة السير والجولان هناك بعض الرتوش لا زالت تحن إلى العهود البائدة التي ليس لها مكان في عهد والي الأمن الحالي. ولأن تصرفات الشرطي المشار إليه تؤشر على أنه متشبع بالمذهب البراجماتي، أضحت السمة البارزة في انشغالاته المستمرة، حيث يتخذ من المدارات الطرقية مرتعا خصبا له تدر عليه مداخيل مهمة . يبقى السؤال المحوري الموجه أولا للمحارب الأول للرشوة ( الهيئة في شخص عبد السلام أبو درار). ما دور هذه الهيئة على أرضية الواقع إذا لم تخرج عن صمتها وتخلق لجن المراقبة في حملة منظمة تنظيما محكما وتضع ضمن أولوياتها الهدف الذي تأسست لأجله ..؟ علما أن الحملات التطهيرية التي خاضتها الحكومات المتعاقبة لا تخرج عن نطاق حملات ضد تجار المخدرات والتطرف الديني دون سواهما . ولنا عودة في الموضوع
- عضو الأمانة الجهوية للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة – جهة تطوان