ماهذا الموقف المتفرج على “تسونامي” الأسعار يا وزير الشؤون العامة والحكامة ..؟
يقول المثل العربي:” إذا لم تستح فاصنع ما شئت ” هذا ما يردده المغاربة الذين يقصدون الأسواق لتأمين حاجياتهم الاستهلاكية اليومية .. فمن جنون أسعار اللحوم والأسماك إلى الألبان والبيض إلى الفواكه والخضر وهلم جرا .. فهل لك ياوزيرنا في الشؤون العامة والحكامة الشجاعة للنزول إلى الأسواق للوقوف على الجحيم الذي يواجهه عموم المواطنين في الحصول على نصيبهم الاستهلاكي من المواد التي تحتاجها مائدة الإفطار .. وخصوصا، المصنفون ضمن الموجودين تحت عتبة الفقر وحتى المحسوبون على الطبقة الوسطى الذين تآكلت دخولهم ولم تعد قوتهم الشرائية في مستوى الارتفاع الجنوني للأسعار ..؟ وهل لا يزال قانون المقايسة الذي طبلت وزمرت عن منافعه لم يف بالغرض من إقراره حتى في استهلاك المحروقات، التي أصبح الجميع مقتنعا بالطابع المسرحي في تعليقاته التهكمية على من يمارس من الصحافيين الحق في مساءلته عن التدابير الحكومية التي تسمح للمغاربة بالاستفادة من تطبيقاته الناجحة في دول الاقتصاد التي أحسنت التدخل في توفر شروط تطبيقه ..؟
لسنا بحكم اختلاف الموقع مسؤولين عن غياب الدراسة قبل اللجوء إليه في اقتصادنا، اللهم يقيننا بأنكم أصبحتم على لائحة الدول الأكثر وفاء والتزاما بنصائح المؤسسات المالية الدولية، التي ألزمتكم يا سيادة الوزير بهذا القانون لتأمين سداد الديون والقروض التي وجدتم أنفسكم عاجزين عليها من المداخيل التي أصبح جلها يوجه لتطويق العجز في ميزانيات حكومتكم التي أضحى الناتج الداخلي الخام منها يوجه لترميم التوازنات المالية، التي لا تريدون مصارحة المواطنين بعواقبها، الذين يعلمون اليوم أن إقرار هذا القانون لم تسبقه دراسة جدوى لمعرفة مدى فعاليته في تحقيق أهدافه، حيث ظهرت عيوبه أثناء تطبيقه في تسويق المحروقات.
وحتى تتأكدوا السيد الوزير من ملاحظاتنا، لكم أن تزوروا مائدة الإفطار في الأحياء الشعبية لتقفوا على الفقر الذي لم تكن عليه حينما كان صندوق المقاصة، وبإمكانكم ورئيس الحكومة زيارة الأسر في القرى، وفي أحياء البؤس بالمدن الكبرى، لتتعرفوا عن قرب عن هول ما يعانيه المواطنون الذين لا يزالون ينتظرون ترجمة وعودكم وخرجاتكم الإعلامية، التي تتحدث عن جنة الاستهلاك التي سينعمون فيها بكل ما يحتاجون إليه في هذا الشهر الكريم المعروف بزيادة الاستهلاك.
إننا في المستقلة بريس، التي لم تتخلف عن الكتابة حول هذا الموضوع، ومطالبتكم دوما بالتدخل لوقف هذا الانفلات الاقتصادي، ونذكركم بمخاطره على السلم الاجتماعي الذي لا أحد في حكومتكم له الفضل في المحافظة عليه، بما في ذلك ما يردده رئيس الحكومة من أنه هو الذي ضمن الاستقرار في الوطن عقب الحراك الاجتماعي، والذي لا يزال المغاربة متمسكون به للثقة التي تربطهم بجلالة الملك فقط، التي ترجمها دستور 2011، ولعلمكم أن قفة رمضان لم تعد تكفي لسد الحد الأدنى من الحاجيات، نتيجة القوة الشرائية التي لا تتلاءم مع واقع الأسعار الحالي، وكن متأكدا يا وزيرنا في الشؤون العامة والحكامة أن تداعيات هذه الوضعية سترون نتائجها في الانتخابات التشريعية المقبلة، بما في ذلك المعارضة التي لم تعد قادرة على القيام بواجباتها لصالح من تقول أنها تدافع عنهم .. وهل لكم القدرة على قلب الطاولة ضد اللوبيات التي تحتكر في الأسواق للحد من الفوضى في الأسعار والجودة والوفرة ..؟
ما يثير الشفقة في التعامل الحكومي مع هذا الواقع الذي يدفع فاتورته فقراء الوطن، هو أن الذين كانوا يراهنون على أعمال البر والإفطار في شهر الغفران اختفوا عقب تدخل الدولة لمنع استغلالها في الانتخابات، حيث أصبحت موائد الرحمان تقام من قبل بعض المحسنين والجمعيات التي لا تربطها أي علاقة بالأحزاب، ناهيك أن ما يقدم فيها جد هزيل.
وعلى ضوء هذه المعطيات التي توضح بالملموس ضعف وفراغ الخطاب الحكومي على التحكم في الوضع الاقتصادي والضرب على أيدي تجار الأزمة والسوق السوداء لا يمكن لنا في المستقلة بريس، إلا أن نجدد نداءنا الذي نعرف طبيعة تعاملكم معه، عسى أن تتحرك مشاعركم لاستغلال “جلاختك” التي تفتخر بها دائما لوقف هذا النهب والتفقير المتواصل للمواطنين المغاربة في معيشهم اليومي.