ماذا بعد الاعتراف بالفشل في التدبير الحكومي ياقادة التحالف ..؟
قد يعتبر صقور حزب العدالة والتنمية العنوان الذي نقترحه في المستقلة بريس للحديث عن فشل التحالف الحكومي في تدبير الشأن خلال هذه الولاية البرلمانية جزء من الحملة المضادة التضليلية التي شنها خصوم الحكومة الحالية، والتي تستهدف التشكيك في أدائها ومنجزاتها واختيارها التنموي إن لم يصنفها هؤلاء الصقور ضمن الأبواق التي تحاول الدعاية لحزب الأصالة والمعاصرة الذي سيكون من أكبر الفائزين في الاستحقاق البرلماني ليوم 07 اكتوبر 2016.
إن التحالف الحكومي الذي اقتربت نهاية ولايته يعرف أنه لم يتوافق أو يتضامن حول برنامج حكومي يمكن أن يساعد على إحداث التغيير والقطع مع برامج الحكومات السابقة، وامتلاك رئيس الحكومة بعد دستور 2011 للصلاحيات التي تمكنه من ذلك، سواء على مستوى التخطيط والبرمجة والتنفيذ انطلاقا من شرعيته الانتخابية التي لا يمكنه الطعن في ظروف إجرائها وفي نتائجها، فرغم طول مشاوراته مع الأحزاب لتشكيل الحكومة لم تفرز تلك المشاورات سوى أغلبية ائتلافية لم يساعدها تقاربها الإيديولوجي والحزبي في صياغة برنامج في مستوى تحديات المرحلة، أو تغطية جل المطالب المرفوعة في الحراك الاجتماعي، إن لم يكن قد تراجع عن الكثير منها مكتفيا بما كانت تضعه الحكومات السابقة من برامج حالمة فقط في جميع المجالات.
طبعا، لم تأت ولادة الحكومة دون الحد الأدنى من التوقعات التي كانت منتظرة منها، وبمنظور متفائل يطرح مشاريع أكبر من ما تملكه هذه الحكومة التي تضم أحزابا تختلف موضوعيا في تصوراتها، وفي البرنامج الانتخابي الذي ستطبقه في هذه الحكومة التي لم يتحمل فيها حزب رئيس الحكومة الحقائب الوزارية التي لها علاقة بالاقتصاد والمالية والخدمات الاجتماعية الإستراتيجية، كالتعليم والصحة والسكنى والتعمير، مما جعل حضوره باهتا .. كما لوحظ أن ميثاق التحالف سمح لأحزابه بالتصرف في ريع الحقائب التي تحمل مسؤوليتها، بدل أن يكون هذا التصرف ضمن المشاريع التي تم الاتفاق عليها، ناهيك أن رئيس الحكومة لا يملك صلاحيات الوصاية على وزرائه من خارج حزبه والجميع يجد نفسه مجبرا على الاهتداء والاشتغال على البرامج التي سطرها التكنوقراط المتحكمون في هذه الحقائب الوزارية، الذين يرغمون وزراء الأحزاب على تنفيذ ما يقررونه في المصالح التابعة لهم على المستوى المركزي أو الإقليمي، ولا يتدخل رئيس الحكومة إلا حينما يصبح أداء وزرائه موضوعا لتساؤلات الرأي العام الوطني.
ماذا إذن يمكن للحكومة أن تنجزه إذا كانت تفتقر إلى برنامج عمل ينسجم مع البرنامج الانتخابي لمن يقود الحكومة ..؟ وهل بالفعل يصح لرئيس الحكومة ادعاء وجود الضغوط المفروضة عليه التي تحول دون تدخله في تنفيذ برنامجه الحكومي، كما يردد ذلك بن كيران أمام مناضلي حزبه وفي جميع خرجاته ..؟ وهل هناك لوبيات الفساد التي تتحكم في صياغة القرارات الحكومية وفي تنفيذها من خارج الحكومة ..؟ وهل يملك رئيس الحكومة القدرة على فضح دوائر التحكم ومن يسير الدولة العميقة والمخزن وحكومة الظل التي لم يعد أحد يقبل بها في ظل امتلاك الحكومة لجميع الصلاحيات التي تسمح لها بتنفيذ برنامجها أثناء ولايتها ..؟
إننا في المستقلة بريس، وعلى نقيض من يروجون لهذه المزاعم نعتبر اللجوء إليها محاولة يائسة لتبرير الفشل الملموس في ممارسة المهام الحكومية المقررة بنص الدستور، وترجمة للنغمة القديمة التي ألف المغاربة سماعها من الحكومات السابقة، وحتى إن كانت حقيقية فإن لم تتم مواجهتها فعلى من يتحمل المسؤولية الحكومية الكشف عنها للرأي العام الوطني، ومواجهتها بالوسائل الدستورية، وأبسطها تقديم الاستقالة إذا كانت معالجتها مستحيلة، وهذا آخر القرارات التي لا يتم اللجوء إليها في نموذجنا المغربي الذي يغرق فيه الواقع التنظيمي والنضالي لأحزابنا ونقاباتنا التي لا تقو على إخماد الفتن والصراعات داخلها، فبالأحرى الإقدام على قرار الاستقالة، وسيكون تشغيل المنظومة الدستورية في مثل هذه الأزمات الحكومية خطوة جريئة على طريق النهوض بالأداء الحكومي .. وبنفس الشروط، نجد أن المعارضة هي الأخرى في ظل التناقضات بين برامج أحزابها التي لا تملك أيضا القدرة على مواجهة الحكومة بالوسائل الدستورية المتاحة أمامها، حيث لا تختلف عن الأغلبية المساعدة للحكومة في عدم القدرة على مثل هذه المعارك، نظرا لظروفها الخاصة التي تدعو للشفقة والتماس الأعذار.