طلحة جبريل ونموذج الكتابة الصحفية الجاهزة للتسويق ..!
اتق اللـه يا طلحة جبريل، فما ألفنا في نموذج كتابتك الصحفية ما يشفع لك أن توظف قلمك للخوض في الموضوعات التي كنت حتى عهد قريب ترفض الاقتراب منها لصالح ما يقربك من لوبيات المال والنفوذ الطبقي، إلى درجة اعتبارك للكتابة من المنظور المضاد يجسد لمن لا يزالون ضحايا الوعي اليساري الطفولي، وكنت تجيد بعد انهيار الحرب الباردة تمييع كل من يختلف مع توجهك النفعي الواضح حتى وإن كان صاحبه من اليمين المتطرف .. وسبحان اللـه على عودة وعيك إلى نقيض هذا الاتجاه بعد أن شعرت بخطر الكشف عن أوراقك
ما نرجوه في المستقلة بريس، أن تنخرط في التوجه الجديد المضاد لما كنت تدافع عنه حتى الأمس القريب لصالح من اغتنوا على حساب الكادحين والمقهورين في عالمنا العربي والإسلامي، وفي السودان الشقيق، الذي لاتتناوله في مقالاتك وأعمدتك في الصحف خارج وطنك أولا .. ولنا الأمل في تغيير بوصلة كتابتك التي لم تعد تقتنع بها، فبالأحرى أن تفرضها على من يتابعون شطحاتك وانتقاداتك المخدومة .. ولتتأكد أن السنفونية الفلسفية الأبقورية التي تحاول الاحتماء بها للحفاظ على ما تبقى من شرعية لما يجمعك مع أمة المهنيين أنها أصبحت عارية
نعم لمعرفتك بأبسط المتطلبات المهنية في الكتابة الصحفية التي سمحت لك بالتعاقد في المغرب من أجل تأسيس عدة صحف، لكن أين هي البصمات التي تركتها في هذه الصحف التي تهيمن على المشهد الوطني اليوم ..؟ وأين هو مفعول التطور والتغيير الذي كان متوقعا من الخط التحريري لهذه الصحف التي ساهمت في تأسيسها ..؟ وهل لا يزال لديك ما تقدمه في زمن الوسائط التكنولوجية المعاصرة التي زلزلت النمط التقليدي للممارسة المهنية في المنتوج الصحفي بكل وسائل التعبير عنه ..؟
مرحبا بك إذن في عمودك الذي ستطل منه علينا في جريدة الأحداث المغربية، والذي اخترت له عنوان “من هنا وهناك” ومن يدري أنك نجحت في التفاوض مع إدارة الزميلة الأحداث المغربية حتى تضمن حضورك في مشهدنا الإعلامي من جديد، وربما ستكون خرجتك ليومي الجمعة والاثنين مجرد خطوة في أفق المشروع الذي رسمته لعلاقتك مع الأحداث المغربية مؤخرا .. وفي هذا الإطار، سنرى مدى قدرتك على تحرير رؤياك التي تتحدث بكل بهارات الممارسة الصحفية، باستثناء افتقارها إلى الصدق والشفافية في مضمونها الذي تحرص أن يكون في حجم ما سيدفع لك
ما نخشاه هو أن يكون عنوان عمودك “من هنا وهناك” في صنف الكتابة الصحفية التي توظف في كل الاتجاهات، وتستجيب لكل ما يجب أن تكون عليه المواقف الصحفية في السر والعلن .. خصوصا، أنك معروف في الوسط المهني بإتقان الآداب السلطانية وفن الكلام حسب المقام، وسنكون سعداء إن تغيرت ب. 360 درجة نحو ما يعيد المصداقية لمنظورك الذي أصابته الشيخوخة المبكرة بفعل التحلل وعمليات التدجين التي تعرض لها منذ انحرافك الإرادي عن التوجه الذي بدأت به مشروعك المهني منذ البداية