رجل المرحلة هو الشعب المغربي وليس بن كيران ياتوفيق بوعشرين ..!
لايزال الوقت مبكرا للدعاية الانتخابية ياتوفيق بوعشرين، ولم يحن الوقت بعد للفرز وإبراز عناصر القوة والضعف في أحزاب الأغلبية أو المعارضة وبقية المشاركين في العملية الانتخابية التشريعية ل. 07 اكتوبر 2016، وحتى إن أعلنت عن الوجهة التي ستسخر جريدتك وقلمك للدعاية الانتخابية لها، فعليك أن لا تستعجل الكشف عن أوراقك قبل الأوان .. فما جاء في افتتاحية جريدتك أواخر الشهر الماضي، تحت عنوان “ليس ضروريا أن يحب بن كيران الهمة” يشكل غزلا صريحا لرئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي وصفته برجل المرحلة، وأن عليه بعث رسائل لطمأنة خصومه عن عدم الاكتساح الانتخابي إلى آخر الجمل التي تشهد فيها على مؤهلات رئيس الحكومة والطاقة الهائلة التنظيمية التي يمتلكها حزب العدالة والتنمية التي ستمنحه الفوز مرة أخرى بالاستحقاق التشريعي .. هل فقدت توازنك المعرفي ودخلت مرحلة الصدام مع مخزونك الثقافي الذي كنت تتبناه في التواصل مع الواقع .. ووجدت نفسك منفيا في وعيك الشقي الذي أصبحت جاهزا للتمرد عليه حتى تتلاءم مع محيطك المجتمعي بما هو عليه من متغيرات وعلاقات وقيم لم تكن تقبل بها لمجرد التعبير عنها فبالأحرى الترويج للإيمان بها واستخدامها اليومي ..؟ أين أنت من شغبك في المناقشة والحوار والتحليل والتعليق والنقد ..؟ وما هذه المجانية السطحية التي بدأت توظفها في التواصل مع الواقع الموضوعي الذي تؤمن باستقلاله عنك وعن مسلماتك الفكرية والعلمية والمنهجية ..؟ وكيف اقتنعت بأن رجل المرحلة هو بن كيران ..؟ وأنه لا منافس له في الحصاد الانتخابي المقبل للاعتبارات والمبررات الواهية التي ترى أنها ستبرر هذا الموقع لبن كيران مستقبلا ..؟
هل لك ياتوفيق ما تبرر به دعاءك المجاني المخدوم في اعتبارك لابن كيران رجلا للمرحلة في الوقت الذي تؤمن فيه حتى النخاع أن رجل المرحلة هو الشعب المغربي الذي تحمل فاتورة هذه المرحلة في معيشه اليومي، وفي تطلعاته التي صادرتها حكومة بن كيران الوفية لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، ولمفعول الضغوط المالية التي فرضتها ميزانيات التسيير التقشفية والمديونية، وتراجع الناتج الداخلي وارتفاع الإنفاق على الإدارات .. هذا الشعب الذي وفر لحزب بن كيران فرص النجاح بعد رفضه لشعارات الخريف العربي، والاحتكام لمشروع الدسترة والدمقرطة، حيث وقع عليه الاختيار بعد فشل الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال في حكومات التناوب في تكريس التغيير الذي كان المواطنون يطالبون به، ومطالبة حزب العدالة والتنمية بحقه في التناوب وادعاء امتلاكه للوصفة التنموية التي ستطور البلاد والعباد.
لن نختلف معك يابوعشرين في أن بن كيران رجلا للمرحلة بامتياز، لأنه لم يجد من خصومه من يملك المعرفة والشجاعة في مواجهته بالأخطاء والانزلاقات والتجاوزات التي لا يستطيع هو تجاهلها في تدبيره الحكومي، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، ناهيك عن العجز على ترجمة برنامجه الحزبي الانتخابي في النمو الاقتصادي وتخفيض المديونية والزيادة في الأجور والتشغيل، وإصلاح النظام الضريبي، ورفع مستوى جودة الخدمات في الصحة والتعليم والسكن والنقل، والاستجابة للمطالب الفئوية العمالية والنسائية وحماية القوة الشرائية من لهيب الأسعار.
إن وصفك لبن كيران بما ليس فيه وما لا يستطيع شخصيا الدفاع عنه، يؤكد أنك تريد أن تكون من ماكينته الدعائية في الاستحقاق القادم، وهذا حقك ولا أحد يصادره منك.
ويحق لنا في المستقلة بريس، أن نسائلك عن الخلفيات التي ساعدتك على الاعتقاد الخاطئ بأن بن كيران هو رجل المرحلة، بينما رجل المرحلة هو الشعب المغربي -كما سلف الذكر- الذي أمن المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي استغله حزب العدالة والتنمية للوصول إلى الحكومة في الانتخابات السابقة لأوانها التي جرت بعد المصادقة على الدستور الجديد الذي استجابت فيه الدولة لمطالب الشعب عقب تظاهرات ومسيرات 20 فبراير التي لم يشارك فيها حزب العدالة والتنمية.
بالفعل، فبن كيران عرف كيف يستغل شروط مرحلة ما بعد دستور 2011، وتمكن في الاستحقاق بالظفر بأغلبية المقاعد، لكنه لم يعرف كيف يستثمر هذا الحصاد الانتخابي بعد تحمله للمسؤولية الحكومية التي لم يختلف إخفاقها عن تجارب الحكومات السابقة إن لم يكن قد تجاوزها كما توحي بذلك المعطيات والأرقام التي نشرتها المنظمات الدولية والوطنية التي أكدها مؤخرا تقرير المجلس الأعلى للحسابات.
إن التأكيد على سلامة الأداء الحكومي لحزب العدالة والتنمية يقتضي نزول هذا الحزب للحوار حول حصيلة تدبيره قبل الاستحقاق الانتخابي القادم، وهذا ما لايمكنه بالنظر لما قلناه في مقدمة هذا المقال، وإن كان حزب العدالة والتنمية قادرا على هذه المواجهة، فعليه أن يبادر بها قبل موعد الحملة الانتخابية التي سيقدم فيها برنامجه الانتخابي الجديد، وهذا ما نعتقده في المستقلة بريس أنك وتجاهلته يا توفيق بوعشرين في افتتاحيتك التي تغازل فيها رئيس الحكومة.