كيف تجرؤ على قتلي يا صاحبي في الدين والوطن ؟!
*حسن الأكحل
لا أكاد أصدق، بل سأجن، أنحمل بين ظهرانينا هذا الكم الهائل من العنف، هل أمسى الحقد والكراهية والتنكر للأوطان مذهبنا ..؟ بعد أن بدلنا رسالة المحبة والصفاء والرحمة التي جاء بها نبينا العدنان وصحبه الكرام وغيرهم من الرجال الأخيار، بناموس طقوسه القتل والخراب ولعبة الشيطان .
أليس ربكم ربنا ..؟ ألم نصل أمام نفس المحراب ..؟ نركع، ونسجد وندعو الله أن يحفظ الأوطان، ألم نأكل حلوة العيد بعد صوم رمضان ..؟ ألم نقتسم رغيف العيش وضنك الليالي تحت سقف ذلك البيت المتهالك الذي كان يحمينا من صروف الدهر وقساوة الأيام ..؟ ليس الفقر عيبا مهما ذقنا من مر كأسه، قد تمطر غدا سماء وطني، وينبت الزرع وترزق الأبدان، ما الذي جعلكم تتنكرون لذلك وتكفرون بنعمة الأوطان ..؟ ألا تذكر أيام الصبا في الكتاب كيف نردد نشيد الوطن، ونحفظ عن ظهر قلب سورة الرحمان وابن عاشر والبردة ودليل الخيرات، والفقيه منتشيا في حكواته عن طارق ابن زياد والأندلس ويوسف ابن تاشفين وغيرهم من العلماء الأعلام، الذين صنعوا لهذه الأمة مجدا وتركوا لها تراثا ترفع به النفوس وتسموا به الهمم، بالله عليكم كيف تقتفون أثر هؤلاء البهلوانيين الذين يتنططون على المنمق من الكلام المأثور، يفرقون الوعد والوعيد والنار ذات الوقيد، يلبسون أحسن الماركات، ويكتنزون أموالهم بالأرقام السرية بكل العملات، يمقتون العقل ولا يحمدونه، ويقبلون من النقل ما وافق هواهم، يكرهون كل عالم متنور وفيلسوف حالم، ومتصوف هائم، يرفضون الاجتهاد وما جد من نوازل العصر والأحكام، يتمسكون بالنص والحرف والقول الخارج عن المنطق والمعقول، وإن حاججتهم بالبيان الفصيح يرمونك بالزندقة و الكلام القبيح .
يتأبطون سرا وفي جنح الظلام كتبهم الصفراء، وما تحويه من الفزع والأهوال، وحور العين وغيرها مما تشتهي أنفسهم من الصور والمؤامرات، همهم التربص بكل ذي فكر معتدل، ووطني وفي وصادق، غايتهم الخلافة الموعودة وإن قطعت الأرحام، جعلتمونا نبحت عن أوطننا تحت الأنقاض، لم يعد فيها بيت ولا زرع ولا نخل إلا النواح، ولا شعر ولا نثر تستطيب به النفس من شدة الحرقة وغدر الخلان .
أطابت أنفسكم وأنتم تجعلون أوطاننا رهينة بين الموت والهوان ..؟ لم يعد جسدنا يقوى على حمل مصائبكم، بعد أن بعتم كل شيء إلى شيطانكم المبتغى، صاحب الأوامر المرتجى، الذي قامت له الأيام بعد ربيع ذبلت أوراقه، وجفت أغصانه، وتحول إلى خريف يسكنه غراب جريح، ينعق لسوء طالعه وبؤس حاله، على وطن ضيعه تحت الأقدام .
*كاتب – فاعل ثقافي – نقابي وحقوقي مغربي