الندوة الوطنية لكرة القدم والحاجة إلى تفعيل الحكامة في تدبيرها التنموي المنتج ..!
لن نختلف مع الذين هللوا للندوة قبل انعقادها .. الذين ألفوا توظيف أقلامهم ومنابرهم لمن يدفع .. الذين تحدثوا عنها يوم الافتتاح مبشرين بنتائجها وحلولها وتوصياتها التي ستنقل واقعنا الكروي من ما هو ملموس في أزمته إلى النموذج التدبيري التنموي والنزيه، ولن نكون إلا متفائلين حول ما يمكن أن يقدم من إضافة واجتهاد في معالجة مشاكل المستديرة الأكثر شعبية في الوطن.
ترى هل ستتاح الحرية لكافة المتدخلين لمناقشة القضايا التي يعيشها الواقع الكروي ..؟ أم أن أوراشها ستكون لاحتواء الفضائح التي خرجت إلى الشارع ..؟ أم ستنكب على البحث في المقترحات الجامعية المتعلقة بوسائل النهوض بالكرة ومعالجة أمراضها المرتبطة بشروط الاحتراف ودفاتر التحملات و إنشاء الشركات والتحكيم والتأهيل ومصالح الفاعلين في اللعبة والمنتخبات الوطنية وتنظيم البطولة في جميع الأقسام .. فهل ستقدم الندوة -التي وصل تمويلها إلى 500 مليون، كما عبر عنه البعض- ثمارها في النتائج المنتظرة منها على مستوى القوانين ودفاتر التحملات والرؤيا الاستشرافية المستقبلية في تنظيم البطولة والتحكيم والتكوين والاستعدادات للمسابقات القارية والدولية .. اللهم إن كان منظمو الندوة يبحثون عن وقف حروب التشكيك والتخوين، التي اقتربت حرائقها من الذين يسيرون المهازل من بعيد، ويريدون إخماد الفتن التي أصبحت تهددهم وتهدد في نفس الوقت ممارسة الكرة التي أضحت أعراضها المرضية تزحف على واقعنا الكروي كالشغب في الملاعب الرياضية وتعاطي المنشطات وفساد التحكيم والتلاعب بالتسيير الرياضي في كل مجالاته المتعلقة باللاعبين والمدربين، ونتائج البطولة في كل مستوياتها وتأهيل المنتخبات الوطنية.
تقول المصادر، أن الأوراش 11 التي بها سيسمح لكافة المتدخلين في المستديرة التواصل مع المتدخلين من الخبراء في الخارج والوطن، وستسمح للمشاركين في الأيام الوطنية لكرة القدم بالاقتراب من المشهد التدبيري الوطني ومن دفاتر التحملات، وبرامج التأهيل والتدبير التي تقترح الجامعة الاشتغال عليها لتجاوز المعوقات التي تعترض الفاعلين الرياضيين في مجال كرة القدم، وترجمة الأهداف التي يرغب كافة المسؤولين في الجامعة وفي العصب وفي الفرق بلوغها، إن كانت فعلا إرادة الجامعة في هذا الاتجاه .. أما إذا كان الغرض من الندوة هو احتواء استفحال الظواهر السلبية التي أصبح هناك إجماع على ضرورة تجاوزها في التدبير الجامعي للكرة في كل جوانبه الإدارية والمالية والقانونية والرياضية فسيكون مآل هذه الندوة كسابقاتها.
إن ما نعتقده في المستقلة بريس، ويرفضه الجميع، سيما بعد أن أصبحت فضائح التلاعب والفساد تهدد مصداقية الجامعة الحالية، هو فيما ستخرج به هذه الندوة للتعرف عن قرب على ما تم التوافق عليه من طرف كافة المتدخلين على اختلاف مواقعهم في ورشاتها، وفي البيان الختامي إن كانت هناك رغبة في النهوض بكرة القدم، والحسم في الاختلالات التي أصبحت واضحة في التدبير الجامعي لجل القضايا التي تطرحها الممارسة الكروية، والقبول بالملاحظات النقدية التي تشير إلى مكامن الانحراف والتقصير التي يحاول المكتب الجامعي تجميلها بأي ثمن، وإيجاد أرضية التوافقات والتنازلات التي تقتضيها أزمة الهياكل المسيرة في الجامعة التي تسربها الأطراف المتناحرة وتبحث لها عن أكباش الفداء من مسؤولي الفرق والحكام والمدربين من حين لآخر.
إنها فعلا خطوة تاريخية بعقد هذا الاجتماع لتطويق روائح الفضائح التي أصبحت متداولة في الشارع، وتتطلب بالفعل قراءات جريئة وتوصيات صريحة للتطبيق في أقرب الآجال، إن كان المجتمعون في الندوة يرغبون في الارتقاء بكرة القدم وتوفير شروط مناخها في المستقبل حتى تكون من بين أدوات التطور والتنمية بالنسبة للوطن، كما هي في دول الجوار الأوربي والمغاربي، بعد أن أصبح القطاع الرياضي من الأنشطة الاقتصادية المنتجة التي تعتمد الدول الحصول عليها في اقتصادها من عائداتها السنوية من أجور ممارسيها داخل دولها وخارجها، وهل سيؤدي فرض النظام الضريبي على شركاتها إلى الرفع من أدائها الرياضي والاقتصادي واستجابتها لطموحات المغاربة في أن تكون كرة القدم من بين الرياضات المدرة للثروة، ورافعة للتنمية الاقتصادية في الوطن، كما جاء في الكلمة الافتتاحية لرئيس الجامعة.
ليسمح لنا الإعلاميون الباحثون عن من يدفع لهم مقابل تجميل الواقع والدعاية الرخصية لمن فشلوا في التسيير الرياضي، سواء في الجامعة أو في العصب أو في الفرق أو في جميع الهياكل المرتبطة بممارسة كرة القدم، أن نقول لهم تناولنا للموضوع بهذه الرؤيا التقييمية النزيهة يحتم علينا الجرأة والاستقلالية في الطرح والتحليل والمكاشفة المواطنة الصريحة، بعيدا عن المجاملة.