إلى السيدة سيطايل .. سيدة التحكم الأولى .. !
*نزهة الوفي
يبدو أنك السيدة سيطايل لا تمتلكين أبجديات القواعد الديمقراطية لتقييم المنتوج الإعلامي في البلدان الديمقراطية الممول فيها من جيوب المواطنين دافعي الضرائب. والنموذج الإعلامي البريطاني الذي نال إعجابك مسكينتي قررته المجالس المنتخبة البريطانية، ولم يكن محمية سياسية وهبت لإعلاميين يمارسون فيها رياضة المعارضة. وبما أنك معجبة بذلك النموذج، وهذا حقك الطبيعي، وتريدين تطبيقه في المغرب، فيجب أن تسلكي السبل التي سلكها النموذج البريطاني، حتى استقر في الوضع الذي نال إعجابك. والأمر بسيط للغاية، فليس عليك سوى أن تتقدمي للانتخابات التشريعية المقبلة ليتسنى لك الدخول إلى المؤسسة التي خصها الدستور بالتشريع، وستجدين أبواب “الأحزاب الحليفة” مشرعة في وجهك، مما سيكفيك شرور مغامرة تأسيس حزب على المقاس قد يولد ميتا. وتخوضي الحملة الانتخابية بالمعايير الديموقراطية، وتجعلي شعارها “الاستنساخ الناجح للببسي البريطانية”، وبعد فوز حزبك بما يؤهله لتشكيل الأغلبية، ستكون فرصتك سانحة لتولي منصب وزير الاتصال، فتتقدمي بمشروع قانون يعدل المشروع الحالي وينقض النموذج المغربي لصالح النموذج البريطاني. وحتى إذا تواضعت واكتفيت بمقعد البرلمانية، فتقدمي من خلال فريقك الذي لا شك ستترأسينه، بمقترح قانون تكون له نفس النتيجة.
هل رأيت أن الطريق لتحقيق حلمك واضح وسالك، ولكنه مسكينتي بالنسبة لك هو من السهل الممتنع أو المستحيل.
لكن لا بد أن تعلمي سيدتي، أنه لا توجد في بريطانيا سيدة على رأس قناة ممولة من جيوب المواطنين تحتقر البريطانيين وتعمل على تسطيح وعيهم. كما عليك أن تعلمي أن ديمقراطيتهم لا تحمي سيدة التحكم الأولى من أن تحاسب ضدا على رئيس جاءت به صناديق الاقتراع، ولا توجد لديهم سيدة على رأس قناة عمومية تقدم منتوجا إعلاميا يقتات من الهشاشة الاجتماعية، والجهل، والفقر، والأمية، والإقصاء، وتكريس الصور النمطية المدمرة للتماسك الاجتماعي، وتهمش الكفاءات الاعلامية التي تزخر بها القناة التي تشرف على برامجها، لتنهل من حكايات المسلسلات المدبلجة الغارقة في مواضيع الجنس والطلاق والخيانة والزواج، … كل ذلك تحت مبررات ليس فيها حد أدنى من المسؤولية فيما يتعلق بدور الاعلام المواطن حقا في المجتمعات، دوره في التزام الحقيقة والديموقراطية في الإخبار والتوعية والتثقيف والترفيه.
اعلمي أن الديموقراطية البريطانية لا يمكن بالمطلق أن تتعايش ولو لليلة واحدة مع إعلام يصنع كل التناقضات التي تهدد بتمزيق ما تبقى من المشترك الوطني لدى الاجيال الصاعدة.
اعلمي أن منتوجا إعلاميا ليس في عمقه سوى مجسما هلاميا، لا يليق برصيد قرون من حضارة وثقافة أمازيغية حسانية عربية إسلامية متماسكة للملكة المغربية٠
القناة الثانية الممولة من ضرائب المغاربة، من المفترض أن تقدم خدمة عمومية كما هي في الدول الديموقراطية، والتي منها بريطانيا التي تعجبك، إعلام يتعامل بديموقراطية مع التنوع في المجتمع، وليس إعلاما إقصائيا وانتقائيا. لإعلام يعالج التحديات التي يواجهها شبابنا اليوم، من خلال برامج إعلامية، وتربوية وتثقيفية وترفيهية تكون لهم مناعة مما يقدمه لهم سوق الأنترنيت من مواد التطرف وثقافة الإرهاب .
الخطر الداهم هو أن المنتوج الذي تسهر على تقديمه سيدة التحكم الأولى، بانحياز فج لمشروع لا مستقبل له لدى المغاربة، من شأنه وعلى المدى البعيد، تقويض أساس بنية النظام السياسي المغربي في هذا البلد، والمؤسس تاريخيا على المرجعية الدينية الإسلامية وإمارة المؤمنين.
فلتتقدمي سيدتي، فالطريق نحو أي نموذج ديموقراطي للإعلام العمومي يمر عبر الانتخابات.
*عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب