هشام بوحرورة
تعد المحكمة المركزية لعين اللوح من أولى المحاكم المحدثة بمنطقة الأطلس المتوسط، بحيث يعود تاريخ تأسيسها إلى العشرينات من القرن الماضي (1918)، كان يضم هذا المركز التاريخي في المراحل الأولى من تأسيسه، خمسة قضاة أو ما يصطلح عليه “حكام” .. ظل مركز قضاء القرب لعين اللوح نشيطا لفترة قاربت القرن من الزمن، و هي فترة عاشت خلالها خزائن القرية أزهى فتراتها، كيف لا و قد كانت تعرف فائضا سنويا بملايير أعطت منه بسخاء لتساهم في تنمية مدن وقرى امتدت على طول الوطن وعرضه، دون أن يلتفت المسؤولون الذين تعاقبوا على تسيير الجماعة ولو بصرف اليسير لتنمية المنطقة وتحسين الحالة المعيشية لساكنة تعيش على عتبة الفقر، لقد ظلت المحكمة المركزية لعين اللوح قطبا قضائيا نشيطا لفترة قاربت القرن من الزمن، تعج بكل أصناف القضايا والملفات، و تستقبل حوالي 50 بالمائة من الملفات التي تداولتها المحكمة الابتدائية بآزرو (القضايا الجنحية، الحالة المدنية، القضايا المدنية، المقاطعات، ملفات جزرية، العقار العادي، التنفيذ المدني، و قد ساهم هذا الأمر، بلا ريب، في توفير خدمة كبيرة للمواطنين، وخصوصا منهم القادمين من خارج الجماعة ( زاوية واد إفران، سوق الأحد، أمغاس، البقرية ….)، و التي يبعد البعض منهم لأزيد من 30 كيلومتر عن المركز ( منطقة بوفرح نموذجا ..) إلا أن المحكمة المركزية لعين اللوح تعيش اليوم أحلك الفترات بعد أن تحولت، و بشكل ممنهج و مقصود، إلى مجرد بناية شبه مهجورة، بعد أن تمت إحالة عدد من الملفات على مدينة آزرو، نذكر منها قضايا العقار، القضايا المدنية، النفقة، الأحوال الشخصية، جنح و مخالفات السير و المخالفات الغابوية، فكيف حدث ذلك ..؟ و أين كان المسؤولون ..؟ ظهرت أولى بوادر المأساة مع ظهور الحاجة الكبيرة للمحكمة المركزية لمدينة آزرو للمزيد من الملفات و القضايا لإقناع المسؤولين بأن الوقت قد حان لتتحول من محكمة مركزية إلى محكمة ابتدائية، و لم تجد من سبيل لذلك إلا بتحويل معظم القضايا و أصناف الملفات، و بشكل ممنهج، من المحكمة المركزية بعين اللوح إلى آزرو، و هو ما تم بالفعل .. و بعد أن كانت المحكمة المركزية لعين اللوح تعقد بها 4 جلسات شهريا، و بمعدل جلسة كل أسبوع، أصبحت تستقبل جلسة واحدة كل شهر، فتحول المركز مع توالي الأيام و الشهور إلى مكان شبه مهجور، ينتظر الموظفون به ساعة الصفر، يوم قد يكون غير بعيد، سيتم إخبارهم فيه بقرار و تاريخ التحاقهم بالمحكمة الابتدائية بآزرو، و يبقى الأمر الأدهى و الأمر، هو أن عملية إفراغ المحكمة و تحويل الملفات استمرت لسنين عديدة، على مرأى و مسمع من مسؤولي البلدة، الذين لم يتخذوا أدنى الخطوات لإيقاف نزيف من كل الألوان، إن لم نقل كانوا المسؤولين المباشرين عنه .. نعم، كانوا المسؤولين عنه، و إن لم يكن الأمر بتواطؤهم، فأقله بصمتهم وانشغالهم بمصالح لا تتجاوز ذاتية أوصلت العباد حافة الفقر وأدخلت البلاد غرفة الإنعاش، وطالبت الساكنة وفعاليات جمعوية من المسؤولين، من باب واجب الإنصاف لمنطقة و ساكنة عانت ألوانا من الحيف و التهميش، إن كان الغرض من نقل مختلف أنواع القضايا إلى آزرو سابقا هو الرفع من حجم الملفات المتداولة بالمحكمة هناك بهدف الدفع بمركز آزرو ليتحول إلى محكمة ابتدائية، فها هو المركز القضائي قد أصبح كذلك، و لم يعد هناك من سبب ليبقى الوضع على ما هو عليه، فليس من العدل في شيء إغلاق أبواب مركز هو في قلب تنمية المنطقة، و ليس من العدل في شيء أن نضيف للمئات من الأسر الفقيرة المزيد من المعاناة، مع العلم أن معظمها تعيش على خط الفقر، بل و العديد منها يقطع مسافة تجاوزت 30 كلم للوصول إلى أقرب المراكز القضائية و الذي لن يكون – بالطبع – إلا المركز القضائي لعين اللوح فيما كان الكل ينتظر من المسؤولين بإقليم إفران تنمية المنطقة و إضافة إدارات عمومية أخرى لساكنة تفاجئ بتحويل المنطقة إلى بقعة خالية على عروشها و تدمير التاريخ المشرف لسنوات.