دبي – سعيد ودغيرى حسنى
في السكون الذي يسبق الفجر، حيث يسكن الهدوء في قلب الأرض، هناك أملٌ ينساب من بين الجبال يلتف حول الأنهار ويغمر كل ذرة من هذا الوطن .. كانت البداية عندما رفع الملك محمد السادس يده لتوجيه نداءٍ جديد
“الماء هو الحياة”
ومن ذلك الحين، أصبح الماء ليس فقط عنصرًا ماديًا، بل رمزًا للمستقبل وعاملًا حاسمًا في ضمان الاستدامة في خطاباته التي ترسم مسارات الأمة .. نجد أن الملك يدرك، أن الماء ليس مجرد مورد طبيعي، بل هو مصير ومواجهة تحديات كبرى
الماء هويتنا وتحدي المستقبل
لا تزال أراضينا تحتفظ بذكريات العطش .. لكن، ملكنا كان الرائد في إطلاق حملة وطنية لحماية هذه الثروة، إنها ليست مجرد توجيهات، بل دعوة حقيقية لمواطني المغرب لكي يحملوا على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على هذه النعمة مثلما حافظ أجدادنا على الكرامة والعزة .. كل كلمة من خطبه تقترن بإرادة قوية لتحسين وضع الماء في المملكة وجعلها أولوية على كل مستوى
الفن في خدمة القضايا الكبرى
على مر تاريخ المغرب، كان الفن دائمًا في خدمة القضايا الكبرى التي عرفها الوطن .. كانت البداية مع الوحدة الوطنية، حيث اجتمع المغاربة تحت شعار واحد لبناء وطن قوي ومتماسك .. الفن كان في صدارة التعبير عن هذه اللحظات التاريخية مثلما كان أيضًا في المسيرة الخضراء، التي كان فيها المغاربة رمزًا للوحدة والتضامن، وقد كانت الأغنية الشهيرة “صوت الحسن ينادي بلسانك يا صحرا” نموذجًا على دور الفن في التعبير عن ملاحم وطنية تحققت بفضل الإرادة الشعبية والقيادة الحكيمة
الفن كان دائمًا الصوت الذي ينقل روح هذه المواقف، فالأغاني والمسرحيات والأفلام جسدت لحظات الانتصار والتحدي، حيث أصبح الفن رمزًا للنضال وكلمة تسبق الأفعال، كما نجد في الحملات الوطنية كحملة التوعية بالحوادث الطرقية، التي تم التفاعل معها من خلال الأعمال الفنية التي تطرقت لمشاكل الطريق، أو في التصويت على الدستور الذي صُور بأعمال فنية جعلت كل مواطن يشعر بأهمية مشاركته في بناء المستقبل .. كذلك، التمليك الاجتماعي كان مادة خصبة للمبدعين المغاربة لرفع الوعي بأهمية التوزيع العادل للثروات
اليوم الماء أصبح هو القضية الكبرى التي تتطلب كل طاقاتنا الفكرية والإبداعية، مثلما تصدى الفن للتحديات الماضية هو اليوم معني أن يواكب الحملة الملكية للماء، وأن يكون صوتًا مسموعًا في هذا المجال من خلال فيلم وثائقي .. أغنية أو حملة إعلانات يمكن للفن أن يكون أداة لرفع الوعي الجماعي وحثّ المجتمع على أهمية الحفاظ على هذه الثروة الوطنية، وفي نفس الوقت يمكنه أن يسهم في تحفيز الجمهور على اتخاذ خطوات عملية
الفن في خدمة المياه شراكة تنبض بالأمل
في ظل هذه الحملة الوطنية، نجد أن الفن يتناغم مع الواقع ليكون الصوت الذي ينقل الرسالة بأقوى حروفها كيف لا وهو الذي كان شاهدًا على اللحظات التاريخية، التي شكّلت الذاكرة الجماعية للمغاربة .. كان الفن في مقدمة كل معركة وطنية وأصبح اليوم في مواجهة جديدة .. ولكن، هذه المرة مع الماء، تلك القطرة الثمينة التي تغذي الأرض وتحفظ الحياة
من السينما التي تجسد المعاناة والعطش في أفلام وثائقية إلى الأغاني التي تُلهب المشاعر، وتحث على العمل الجماعي في سبيل الحفاظ على مواردنا الطبيعية .. الفن هنا ليس مجرد تعبير عن الواقع، بل هو أداة تغيير حقيقية تُحرّك قلوب الناس وترسّخ القيم في الأذهان
نداء إلى الوزراء المعنيين .. الفن شريككم في التوعية
في لحظة صمت، حيث تتقاطع الآمال مع التحديات يأتي هذا النداء:
إلى الوزراء المعنيين بشؤون الماء إلى القلوب التي تسعى لحماية هذا المورد الثمين، إلى العقول التي تبتكر الحلول للمستقبل، لن تكون المعركة ضد العطش نصرًا إلا إذا تشاركنا جميعًا في حملها .. ندعوكم اليوم إلى أن تعتقدوا في الفن ألا ترونه شريكًا لكم في هذا المسار .. الفن ليس فقط مرآة للمجتمع، بل هو رفيقكم في مهمتكم الوطنية
فلنعطِ الفنانين الفرصة ليكونوا جنودًا في هذه المعركة ليرتقي الفن بخطاب الماء ويصنع أفلامًا وأغانيًا ومسابقات ومسرحيات تشحذ الهمم .. أنتم يا أصحاب القرار لستم وحدكم في هذه المهمة العظيمة .. الفن هو السلاح الذي يشعل النار في الوعي الجماعي، وهو الرفيق الذي يدفع بنا إلى الأمام، حيث لا مكان للتردد في حماية هذا الكنز الطبيعي
فلنعمل معًا لنجعل من “الماء” ليس مجرد شعار، بل حركة حية تُسافر عبر الأجيال وتبقى حية في ذاكرة الأجيال القادمة
زبدة القول:
الفن في المغرب، كما هو دوماً كان مرآة للروح الوطنية، والآن أصبح يشهد مرحلة جديدة في خدمة قضية الماء .. وفي هذا السياق، أصبحت كل صورة وكل نغمة وكل كلمة مسؤولية جماعية تحمل رسالة واحدة “الماء هو الحياة ويجب علينا جميعًا الحفاظ عليها” .. معا بإرادة حقيقية نستطيع أن نواجه تحديات المستقبل ونصنع من الماء رمزية وطنية تعبر عن قوتنا وحبنا واعتزازنا بمستقبلنا