أخبارمتفرقاتمجتمع

افتتاح مؤسسة (كارفور) باليوسفية ما بين الجزء الظاهر والخفي من جبل الجليد

ذ. يوسف الإدريـــــسي

كثيرون ناقشوا موضوع افتتاح متجر (كارفور) باليوسفية من زاوية ما هم عليه من قناعات وأهداف وغايات .. فمنهم من خلص إلى وجود هذه العلامة التجارية باليوسفية يرسخ تطبيعا مقيتا مع الكيان، وهو أمر لا يستقيم في مدينة لم يفوّت أهلها الفرصة للخروج كل جمعة احتجاجا على سياسة التنكيل بالفلسطينيين

 في وقت رأى آخرون، أن وجود هذا المتجر سيهدد التجارة التقليدية وسينجم عنه ما يسمى بالصفة الاحتكارية التامة

 فريق آخر، دافع عن حريته في ضرورة تقريب خدمات المشروبات الكحولية بشكل يقلص معه عدد الرحلات ذهابا وإيابا إلى أربعاء ولاد عمران، حيث استشرى أسلوب الجشع في بيع هذه المادة الحياتية

 أيضا، فئة نخبوية استغلت فرصة المنشأ التجاري لتناقش بصيغة الفرض والإجبار إمكانية تشغيل المقربين وتأثيث مشهد ما بعد الولاية الانتخابية الراهنة

غير أن لا أحدا تقريبا انتبه إلى أمر هو في غاية الأهمية على الأقل بالنسبة لي، حتى نترك مساحات حرية الاستقراء للآخرين .. إذ، لم يشر أحد ممن انخرط في هذا النقاش المحلي إلى المدة القياسية التي أنشئت فيها بناية المتجر، وكأن الأمر حدث ما بين عشية وضحاها، مما يستوجب معه السؤال؛ ما الفرق إذن بين بناء مؤسسة تجارية استغرق مدة وجيزة ومشاريع بنيوية وتنموية استغرقت سنوات ولازالت في طور التشييد أو الإهمال .. إن صح التعبير

 سؤال ينطوي على حقيقة القيمة بمفهومها الفلسفي باعتبارها مقدار ما تستحقه الحاجة نفسها .. فالمتجر مثلا سيحقق قيمة مالية وتجارية واقتصادية لصاحب المشروع .. ولذلك، سارع الزمن ليلا ونهارا لإنشاء البناية، بينما المشاريع العمومية التي ينتظرها عموم المواطنين، لاتستأثر بذات الاهتمام، مثلما بات واضحا في عملية هيكلة الأحياء بمدينة اليوسفية إلى درجة أن أحفاد ملاك البقع السكنية و ورثتهم، لا زالوا ينتقلون بين جماعة اليوسفية والوكالة الحضرية دون أن تترك لهم فرصة الترحم على أجدادهم

 أيضا، الحي الصناعي بالمدينة الذي طال انتظاره، عوض أن يساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية المحلية أصبح مكانا رائجا للسلوكات الشاذة والجرائم المتنوعة والحوادث الخطيرة، ولا شك أن ثمة كثيرا من الأمثلة التي لايسع المجال للتفصيل فيها، كممر السكة الحديدية والمركب التجاري وسوق السمك ومتاجر ليراك وتأهيل غابة (العروك)، وإحداث النواة الجامعية وإصلاح مركز التكوين المهني، وجلب المصالح الخارجية للوزارات، إلى غير ذلك من الأمثلة العديدة لنخلص في الأخير إلى أن (كارفور) أزال الستار مجددا عن إشكالية تأخير وتعطيل المشاريع التنموية والبنيوية بالمدينة، والتي مردها بالأساس إلى غياب الإرادة الإصلاحية عند عدد من المسؤولين المحليين وعدم تقدير المصلحة العامة للمواطنين .. فضلا، عن عنصر ضعف الدراسات الأولية من الناحية التقنية والمالية والتنموية، والتي تعود إلى الغموض الكامن في الأهداف المسطرة وراء مثل هكذا مشاريع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق