ما أحقر أن ينهي المرء مساره المهني/”التربوي”، بتطاول حقير ودنيء، على الكوفية الفلسطينة، رمز النخوة والعزة، والنضال والمقاومة، والشهامة والتضحية ..!
في سابقة شاذة وعلنية وصريحة، هي الأولى من نوعها .. سابقة وثقت لها كاميرات هواتف الحضور، الذي أتث جنبات إحدى قاعات المدرسة العليا للتكنولوجيا، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، يوم السبت 13 يوليوز 2024، بمناسبة الاحتفاء بالمتفوقات والمتفوقين؛ حيث رفض عميد كلية العلوم ابن مسيك، بصفته ضيف شرف، تسليم الجائزة الأولى لطالبة متفوقة تكوينا، وتربية، وتشبثا بالقيم والمبادئ الإنسانية النبيلة، وإيمانا بعدالة القضية الفلسطينية، بدعوى وضعها الكوفية الفلسطينية على كتفيها، وما خلف ذلك من استياء عارم لدى جميع شرائح المجتمع المغربي، بمختلف أطيافها وألوانها السياسي، مما يعكسه التداول الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي “للشريط المهزلة”، الذي يوثق لهذه النازلة التي تجاوزت حدود المملكة
ومن عجائب وغرائب الصدف، وفي الوقت الذي هبت فيه عشرات العشرات من الجامعات بالقارات الخمسة، بطلابها وأساتذتها، بما في ذلك الولايات الأمريكية المتحدة، الحليف الدائم للنظام الصهيوني المجرم، إلى تنظيم وقفات ومظاهرات حاشدة، حُملت فيها الأعلام الفلسطينية والكوفيات الفلسطنية، وشعارات التأييد للشعب الفلسطني، وحقه في الحرية والاستقلال، تنديدا بالمجازر الصهيونية المرتكبة منذ شهور وحتى يومنا هذا، في قطاع غزة وفي مناطق أخرى مجاورة من الأراضي الفلسطينية المسلوبة، في نفس الوقت، يطالعنا هذا العميد، وعلى مرأى ومسمع من الجميع بتصرفه الشاذ والغريب هذا؛ مما يفسح المجال لأكثر من سؤال:
فهل الرجل خائف إلى هذه الدرجة على المنصب، وهو الذي بلغ من العمر عتيا ..؟
ومن يا ترى يهدد بفقدان المنصب ..؟
ومن له مصلحة في المساس بمشاعر أمة بكاملها ..؟
وهل إلى هذه الدرجة، لم تعد للمواقف الرسمية للبلاد قيمة، خاصة من طرف عمداء من هذه الطينة ..؟
وما دخل السيد العميد في لباس طالبة تدرس بمؤسسة هو مجرد ضيف شرف بها ..؟
مع العلم أنه ليس من حقه ذلك، حتى ولو كان رئيسا لنفس المؤسسة التي تدرس فيها هذه الطالبة النجيبة، أولا يعلم هذا العميد، ليس من حقه أخلاقيا وقانونيا، لمس ولو قطعة من ملابس طالبة دون رغبتها .. فالأمر مرفوض أخلاقيا جملة وتفصيلا ..؟!! أولم يشعر بالإهانة اللا مباشرة التي تعرض إليها في ذات الوقت عل دفعتين: أولا، حين تقدم مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا المحترم التي تنتسب لها الطالبة المتفوقة لتقديم الجائزة إليها؛ وثانيا، حيث قام الجميع إجلالا وتقديرا واحتراما ونصرة للقضية الفلسطينية، وملأ القاعة تصفيقات حارة المسترسلة .. فعلا، من البؤس والحقارة والذل والانحدار، أن تنتهي الحياة المهنية بهذا الشكل المخز ..ِ!
والمنتدى الوطني لحقوق الإنسان، بصفته هيئة حقوقية مستقلة، ومتبنيا للحقوق الكونية في شموليتها، دون إهمال للخصوصية المغربية، ثقافة وتكوينا و واقعا، وهو يعيش هذا الحدث الشاذ، الذي يمس شعور المغاربة، والإنسانية جمعاء، يعلن بكل قوة ومسؤولية ما يلي:
1/ تضامنه المطلق، مع الطالبة المتوجة، شادا بحرارة على يديها الطاهرتين، محييا عاليا رفضها الإذعان لطلب “العميد”، مقابل تمسكها برأيها الصائب، والذي ليس سوى رأي كل حرائر وأحرار العالم
2/ تحيته الخاصة، للسيد مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا، الذي تقدم لحفظ ماء وجه الجامعة، بل لحفظ ماء وجه كل شريفات وشرفاء الوطن، وكل مناصري الحق عبر العالم، من خلاله تفضله بتسليم الجائزة إلى الطالبة المتفوقة تحصيلا علميا، والتزاما بالقضايا العادلة، ورفضا لكل سلوك رجعي، من شأنه أن يمنعها من حقها في التعبير عن رأيها، أو الإعلان عن مواقفها، كما دأبت كل التكوينات الأكاديمية على ترسيخه في أذهان متلقني العلم والمعرفة في كل مكان وفي كل زمان؛ كما نحيي من خلال هذا المدير المحترم كل الأساتذة والطلبة التابعين للمدرسة العليا للتكنلوجيا
3/ استنكاره الشديد، للسلوك اللامسؤول لهذا العميد، والذي يتنافى وموقف المملكة المغربية الرسمي والشعبي على امتداد العصور والأزمنة، مع القضية الفلسطينة، والتي نضعها جميعا في نفس الترتيب والمستوى مع قضية وحدتنا الترابية
4/ دعوته الملحة، إلى ضرورة اتخاذ السلطة الرئاسية لهذا العميد، للإجراءات الإدارية اللازمة، ردا للاعتبار للجامعة المغربية بكل مكوناتها، وللشعب المغربي المعتز بتبنيه للقضية الفلسطينية، والأهم من كل هذا وذاك، للموقف الرسمي للبلاد، والذي ما فتئ يعبر عنه العاهل المغربي بوصفه أمير المؤمنين من جهة، ورئيسا لجنة القدس من جهة ثانية
5/ تأكيده على أنه من أسباب احتلال الجامعات المغربية لمراتب متأخرة، سواء عل مستو التصنيف العربي أو العالمي، إسناد مهمة العمادة لمن يجهل حتى ثوابت الأمة، وقضاياها المصيرية، والمواقف الرسمية الصادرة عن رئيس الدولة، صاحب الجلالة، وفق اختصاصاته الدستورية
6/ تشبثه بأن القضية الفلسطينية إلى جانب قضية وحدتنا الترابية، هما في صلب اهتمامات المملكة المغربية، موقفا رسميا وشعبيا
7/ يظل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان بكل مكوناته إلى جانب كل القوى الوطنية والضمائر الحية، داخل وخارج الوطن، باسطا ذراعيه، للانخراط بدون قيد أو شرط، في أي عملية بناء، تصب في الدفاع عن وحدتنا الوطنية، وحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة
الدار البيضاء في: 14 يوليوز 2024
عن المكتب التنفيذي