تطوي على بعد أيام قليلة مقبلة جدا (19 اكتوبر 2015) جريدة “المستقلة بريس” الإلكترونية -لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة- من الكتاب الذي لا يعلم عدد صفحاته إلا مشيد هذا الكون العظيم .. تطوي الصفحة الأولى التي تعلن نهاية عامها الأول والدخول في العام الثاني .. هذه الجريدة التي حمل طاقمها على عاتقه خدمة وتنوير الرأي العام مع الحرص الشديد على تكريس مفهوم الرسالة الصحفية النبيلة التي تتسم بالانفتاح والموضوعية والبحث الدائم عن الحقائق والأخبار المتنوعة لإثارة القراء حول القضايا الوطنية والعالمية التي تشغلهم، ومواكبة التطورات السياسية والثقافية والفنية والاقتصادية .. كل هذه العناصر مجتمعة هي المنطلقات الأساسية الأولى التي عملت لأجلها “المستقلة بريس” طوال السنة الماضية من عمرها، وطاقمها المكافح لا يستند في ذلك إلا على اللـه، وما وهبه من ثقافة ووعي ومهنية مع بذل الجهد والطاقة والتعب لنقل الصور الحية لمختلف الأحداث، والنقد البناء والتحليل الموضوعي لجميع القضايا المجتمعية المطروحة للنقاش بكل مصداقية، لأنه يؤمن بأن هذه هي المنهجية التي يرتكز عليها العمل الصحافي والإعلامي الفعال، الذي يضمن حق الرأي العام الوطني في الاطلاع على ما يحدث حوله من مستجدات، وحق الصحافي في الوصول إلى المعلومة، وتكريس الرأي الآخر المختلف والمعارض، بعيدا عن صحافة الاسترزاق، وعن الأنماط والممارسات التي يسعى من ورائها الذين يتصيدون الفرص لتوظيف مهنة المتاعب لأجل المدح والمجاملة لجني منافع ذاتية، تتناقض مع مبادئ أخلاقية المهنة.
وقد يلاحظ القارئ أن الجريدة طيلة مدة تواجدها بالساحة الصحفية كانت أكثر مصداقية وجرأة، بحيث تطرقت لجميع المواضيع والمشاكل بصراحة وحرية في التعبير، وفسحت المجال للنقد، كما حرصت على تخصيص مساحات للحوار ونشر الآراء المختلفة وتبادلها من أجل إيصالها لأكبر عدد من القراء والمتابعين.
هذا عن ما مضى من عمر “المستقلة بريس” ما بين ( اكتوبر 2014 و اكتور 2015)، أما اليوم، فإننا بعون اللـه وتوفيقه ندخل إلى درب السنة الثانية من بابه الواسع لنواصل رحلتنا الممتعة رفقة قرائنا لمواصلة المسيرة الصحفية التي في الحقيقة لا يقوى على تحمل مشاقها إلا كل من رسخ في ذهنه وقلبه حب وشوق المغامرة، لأننا لم نرض ولن نرضى أن نكون صحافيين أشباح مثل أولائك الذين لا يتقنون إلا اقتناص الفرص واستغلال المناسبات من أجل الصدور الباهت .. فنحن لسنا من الذين يظنون أنه بدخول المؤمنين الفائزين الجنة ينتهي الكفاح ولا يعود للمؤمنين سوى الاستمتاع بأطيب الطعام وبالحور العين، بل إننا نتعهد ببذل المجهود الجبار للارتقاء بجريدتنا الرصينة، وترسيخ دورها التثقيفي بمفهومه الشامل، وتنوير الرأي العام وتبصيره وتوعيته بشتى الأمور .. ولن نقنع أبدا بأننا أسسنا جريدة وانتهى الأمر، بل نريدها أن تكون منبرا يضطلع بدوره الثقافي الحقيقي و يسعى إلى نشر المعرفة وكل ما يتطلع له جمهور القراء، في ظل احترام قيم أخلاقيات المهنة.
ونداؤنا بمناسبة هذه الذكرى التي نرجو أن تعود علينا وعلى قرائنا الكرام ومتتبعي خطانا سنين وسنين ونحن في تقدم وازدهار .. نداؤنا موجه إلى الجهات الوصية على قطاع الاتصال التي عليها تحمل مسؤولياتها أكثر من أي وقت مضى، وتنهض – لاشك أن هذا النداء سوف لا يرضي الكسالى ممن يحسبون أنفسهم على ميدان الصحافة ظلما وعدوانا-، وتعمل بكل جدية على تطهير الحقل الصحافي، وبخاصة الإلكتروني من المتطفلين على المهنة، وتجنبنا النظر إلى كثرة وتنوع عناوينهم التي تحمل ما لا طاقة لها من الصباغات التي تتناسل ساعة بعد ساعة، حتى لا ينطبق علينا في المغرب ما قاله الشاعر المصري في مصر:
ما أنت يا مصر دار الأديب وما أنت بالبلد الطيب
وكم فيك يا مصر من كاتب أقال اليَرَاعُ ولم يكتب
وكل عام والمستقلة بريس وقرائها بخير