الانتخابات الجماعية والجهوية وتهافت الوزراء على المشاركة ..!
في الوقت الذي يوجد فيه إجماع على ضرورة الحسم مع تجار الانتخابات، ومع الذين يفتقدهم المواطنون بعد نجاحهم حتى مناسبة الانتخابات، وفي الوقت الذي تطالب الأحزاب والنقابات بضرورة اختيار النخب المؤهلة والقادرة على الدفاع عن برامجهم وتوجهاتهم، يخرج اليوم علينا من يتحملون المسؤولية الحكومية للمشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية، كأن هؤلاء نجحوا في تدبير الحقائب الموكولة إليهم، ويريدون التطوع لترجمة نجاحهم في تدبير الجماعات والجهات، والحق أن جلالة الملك محمد السادس في خطاب ثورة الملك والشعب كان محقا، حينما قال : “إن المغرب بصدد ثورة جديدة يجب على المغاربة قاطبة إنجاحها وتحسين اختيارهم لمن سيديرون الجماعات والجهات بعد استحقاقات 04 شتنبر 2015، ومن أن نزاهة الانتخابات تتوقف على تصويت المواطنين”.
إذن، عوض أن يترجم الوزراء مؤهلاتهم وبرامج أحزابهم في الأغلبية أعلنوا عن رغباتهم في المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية، وهم يعلمون أن مواقعهم الحكومية أفضل للاستجابة لرغبات المواطنين والساكنة المحلية أو الجهوية التي سيترشحون باسمها في هذه الانتخابات.
العهدة على رئيس التحالف الحكومي الحالي الذي يظهر أنه في طريقه إلى التفكك الذي يلزم رئيسه بترميم الأعطاب التي سيعرفها في حالة فوز الوزراء في الانتخابات التي ستحرمهم من مقاعدهم في الحكومة، وستحول بينهم واستكمال ما دونوه في البرامج الانتخابية التي أوصلتهم إلى التحالف الحكومي، حيث يتضح أنهم لم ينجزوا ما يمكن المواطنين من الاطمئنان إلى تدبيرهم للشأن العام، فبالأحرى تزكيتهم في الانتخابات الجماعية والجهوية التي يعرفون أنهم يفتقرون فيها إلى ما يؤهلهم لترجمة برامجهم الانتخابية في محطاتها التنموية، وإلى الاستقلال عن الوصاية الإدارية والمالية في ممارسة اختصاصاتها، وفي هذه القضية تشترك أحزاب الأغلبية والمعارضة في العجز في عدم الارتقاء بمنظومة تسيير الجماعات والجهات واستقلالها عن المالية والداخلية، ناهيك عن الغموض الذي لا يزال في القوانين التنظيمية والإدارية التي تشترك فيها المؤسسات المنتخبة مع الحكومة، إضافة إلى عدم القدرة على ترجمة ما قررته أحزابهم فيما تبقى من عمر الحكومة التي عانت منذ قيامها ضغوطا وصعوبات أثرت على تماسك تحالفها، وعلى وفائها بالبرنامج الذي أقرته منذ بداية عملها .. ولعل رئيس الحكومة المعني بهذا التهافت الانتخابي لوزرائه يعلم جيدا أنه يؤثر عليه مباشرة وسيجعل نزوله في الانتخابات التشريعية المقبلة عرضة للانتقاد من خصومه في المعارضة، ومن قواعده الحزبية التي تتطلع إلى الفوز بتجربة حكومية ثانية، وهذا ما ليس مطروحا على أجندة وزراء حزبه الذين قرروا الدخول إلى معترك الانتخابات الجماعية والجهوية ضدا في جميع التزامات الحزب مع المواطنين.
إن التفسير الوحيد لخلفيات هذا التهافت الانتخابي من قبل الوزراء، وخصوصا وزراء التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، كما أشرنا إلى ذلك هو أنه لم يعد بإمكان هؤلاء الوزراء إضافة أي جديد في المسؤوليات الحكومية التي يقومون بها .. وبالتالي، أنه من الأنسب والأفضل الاستقالة من الحكومة قبل نهاية مدة انتدابها، وهذا في نظرنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، يؤكد على الخريف المبكر لحكومة عبد الإله بن كيران وعجزها على مواصلة عملها حتى الإعلان الرسمي عن أدائها لمسؤولياتها، وفي هذا الإطار، سيكون رئيس الحكومة ملزما بتعديل وزاري جديد حتى يحافظ على أغلبيته الحكومية، وعليه كذلك التفكير في مستقبله الحزبي بعد هذه الفترة من عمله الحكومي الحالي، وأن يعيد النظر في ثقافته السياسية.
أمام هذه التوضيحات، لا يسعنا إلا الإعلان عن رفض هذه السلوكات في الحكومة الحالية التي كان على أعضاء أغلبيتها الاستمرار في أداء واجباتهم، والعمل على معالجة كافة التحديات والصعوبات التي تواجههم على رأس الحقائب التي يديرونها، وأن هذه السلوكات المتهافتة تضر بسمعة الأداء الحكومي والحزبي في الوطن، وأن الضرورة القصوى تقتضي امتناع وزراء التحالف الحكومي عن المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية.