*الطاهر أنسي
عبر المشرع المغربي مند بداية فجر الاستقلال عن الرغبة في التأسيس لأنظمة انتخابية تندرج ضمن الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية الهادفة إلى استكمال صرح الديمقراطية ومواصلة بناء دولة الحق والقانون ببلادنا.
الأحزاب السياسية تسعى من جهتها إلى وضع سياسات انتخابية تمكنها من استعمال آليات مبتذلة في كسب التأييد الشعبي والوصول للسلطة، وهي مطالب تكرس مجموعة من الممارسات التي تتنافى مع الطموح الجماهيري والحق في التنمية التي يجب أن يوازي التهميش والهشاشة التي يعانيها 79% من المغاربة.
الدروس المستقاة من تجارب الإشراف على تدبير الشأن المحلي السابقة منذ الاستقلال حتى زمن التنمية البشرية، تلتقي كلها في تركيز وحصر الاستثمار في خدمات استثنائية غير ذات صلة بتطلعات وأولويات المغاربة، حتى أن 90% من المغاربة يعبرون عن غياب العلاقة بين المواطنين و الأحزاب، ويرون أن الانتخابات هي سوق يُفقر ويثقل كاهل ميزانية الدولة، وبلغة أخرى فالسياسات السياسية بالمغرب لم تستوعب بعد القوالب الجاهزة لمسلسل المشاركة الديمقراطية، وتضع عوائق تحد من الرغبة المواطنة في تخليق الحياة العامة ودعم تقدم البلاد.
الدرس الثاني، هو كون نظام اللائحة يعتبر مكسبا فقط لممتهني السياسة، وللذين يعيشون ويحتمون بها، وليس من أجل التمتع بقيمها بفنونها ومذاهبها ومدارسها الفكرية، نظام اللائحة المعمول به في الانتخابات هو نظام ديكتاتوري يكرس الاستعباد والاتجار بالبشر، ويشجع على العزوف عن المشاركة في الحياة العامة، فهو لا يمكن الشباب ولوج عالم السياسة بشكل متحرر وبعيد عن وصاية قواد الأحزاب وداعميهم، والدرس المضمن هنا، إنه ورغم تعديل القوانين فلا مناص من إعادة إنتاج نفس الواقع بفساد أكثر.
وفي غياب الاستثمار الحزبي في تنظيم وتطوير الثقافة السياسية لدى المواطنين، وانعدام تنافسها على برامج واقعية، ملموسة وقابلة للتنفيذ، سيظل التصويت محكوما بعلاقات الانتماء والقرابة، أي معرفة الفرد، وهو منطق سيشجع على تواصل دائم بين النخب وبين المواطنين، سيجعل المواطن يقترح ويساهم في تنفيذ وتتبع وتقييم سياسات تدبير الشأن المحلي، وهنا تكمن سلطة المواطن، وستزداد قوة بتمكينه من الولوج للمعلومة كحق أقره دستور 2011، لذلك نقترح كمركز وطني للتنمية والوحدة الترابية الاعتماد على نمط الاقتراع الفردي، فحتى بنظام اللائحة ف. 99% يصوتون للأشخاص.
المغاربة بحاجة لقلوب تحبهم وتستمع لهم، وليس لعقول تستثمر بهمومهم وتُغربهم عن ثقافتهم، فالكل فقد الثقة في المؤسسات السياسية، وفقد الثقة في انتماء يضع شروط للتمتع بحقوق دستورية ومدنية.
*رئيس المركز الوطني للتنمية والوحدة الترابية
زر الذهاب إلى الأعلى