يوسف غريب
لو طلب مني تخمينا لنتيجة المقابلة بين الرجاء المغربي والوفاق الجزائري لتحول التخمين إلى الدعاء إلى الله عز جلاله في أن تتعادل الرجاء العالمي وتنهزم بضربات الجزاء .. حفاظا على أرواح إخواننا جمهورا ولاعبين من السعار الذي يصيب الأمن الجزائري عند كل انتصار للمغرب .. لذلك – وبصدق- لم يفاجئني الهجوم الوحشي على الجمهور المغربي والطاقم الإداري والصحفي، وتلك النعوت المتخلفة التي وُصفنا بها كشعب وتصغير لراية المغرب .. كل ذلك لم يفاجئني، لأنه لا يمكن بالمرة أن تقبل الطغمة العسكرية الجزائرية هزيمة أخرى أمام المغرب ولو كان رياضيا بعد سلسلة من الهزائم التي راكمتها خلال هذه الشهور الأخيرة، فما كادت هذه الطغمة تستفيق من القرار الأممي الأخير، الذي انتصر لقضيتنا الوطنية حتى تلقت صفعة قوية من البرلمان الأوربي يوم الأربعاء الماضي الذي اشترط إحصاء سكان المخيمات بتندوف مقابل المساعدات الإنسانية، بعد أن فضح سابقا اغتناء مسؤولين جزائريين وقادة البوليزاريو من هذه المساعدات، وبين هاتين الهزيمتين ازداد سعار الجنيرالات حين تحولت بلادنا إلى منصة للحوار الليبي تحت إشراف الأمم المتحدة، بعد كل المحاولات اليائسة لإفشاله، دون أن ننسى التموقع الجديد للبلد الشقيق موريطانيا .. كل هذه الهزائم الديبلوماسية إذا أضفنا إليها هزيمة الوفاق سطيف ( وهي مقابلة رياضية لاغير) لعاش المغاربة هناك الأسوأ والأفضع، لذلك أضم صوتي إلى كل الذين هنؤوا الفريق الرجاوي وجمهوره بعودتهم من تلك الديار إلى الوطن سالمين، فلقد تأكد بالملموس أن كلمة المغرب أصبحت تشكل عقدة حقيقية لدى الحاكمين فى الجزائر إلى درجة أن العلم المغربي قزموه حين لم يستطيعوا أن يقزموا إشعاعه الاقتصادي والروحي في افريقيا، بالرغم من كل الأموال الباهظة المرصودة لمحاصرته في المحافل الدولية أيا كانت طبيعتها، ولا غرابة أن يعتبر الشعب الجزائري الشقيق هو الوحيد في العالم الذي يوجد فقره تحت أقدامه، وأن يسمى عند مسؤوليه بالفقاقير الذي يحتاج الى عقاقير .. هنا أجد نفسي غير متفق مع الوفد المغربي الرجاوي حين احتج على التغذية والمبيت، لأن أقصى ما يمكن أن يعطى قد قدم لهم، أو البحث عن (الويفي مثلا) فهم لا يعرفون بأن الجزائر هو البلد الوحيد في العالم الذي يتوفر على شركة واحدة ووحيدة تحتكر ميدان الاتصالات.
إن حسن الاستقبال والضيافة في مقابلة الذهاب هي عادية وطبيعية في بلدنا أقدم حضارة بشمال افريقيا، قبل الجزائر الذي لم يكن إلا مسارا طرقيا بين جامعتي القرويين والقيروان، وهذا العمق الحضاري للمغرب هو عقدة أبدية لدى العسكر الجزائري إلى الآن، وخصوصا في رأسماله اللامادي والروحي، وهذا مايفسر طبيعة الهجوم الوحشي للأمن الجزائري على الجمهور المغربي، تماما كما فعل فصيلهم ضد وفدنا في المنتدى الشباب العالمي بتونس .. هي نفس الطغمة التي تحاول أن تشحن أفراد الشعب الجزائري الشقيق ضدنا بمعدل سبع مقالات يوميا، دون الحديث عن البرامج الحوارية وغيرها من الدعاية التي تجعل من المغرب العدو الأول للشعب الجزائري، ولذلك، لاتدع أي فرصة سانحة لتعميق هذه الهوة، مما يدفعنا إلى تجنب كل إساءة إلى أشقائنا في الجزائر، جراء أحداث المقابلة الأخيرة وإنهم مرحبون في بلدهم الثاني دائما وبالأرقام، فاكبر الجاليات المقيمة بالمغرب هم الجزائرون بأكثر من 22 الف.
إن المستقبل لمغرب الشعوب لا محالة .. لفضاء مغاربي منسجم ومتكامل ينتصر لقيم الديقراطية والحداثة .. لثقافة التعايش والتسامح، هذا هو الأفق الحضاري الذي يورق العسكر في الجزائر، وهذا ما يفسر الإصرار على إغلاق كل الحدود مع جيرانها خوفا من أن يكتشف الشعب حجم البؤس والحرمان، بالرغم من عائدات البترول، مقارنة مع شعوب المنطقة .. هو نفس الإصرار الذي جعل هذه الطغمة تهين الشعب الجزائري بالبقاء على رئيس بلد يتميز في العالم بكونه لا يقف أثناء عزف النشيد الوطني لبلده .. من هنا أكرر إلى الرجاء العالمي إلى جمهوره إلى الطاقم الصحفي بأن الانتصار الحقيقي هو عودتكم إلينا أحياء .. ولا بأس من تلك الضربات، ماهي إلا ضريبة تميز بلدنا الحبيب.
زر الذهاب إلى الأعلى