الخميسات / عادل الكرش
إذا كانت المساعدات الرمضانية خطوة لإدخال الفرحة على المواطنين، خاصة في شهر رمضان الأبرك، وإذا كانت مناسبة لمساعدة الفقراء كما يروج لها، فإنها في المقابل مناسبة أيضا للمنتخبين الذين ينتهزون هذه الفرصة لبدء حملاتهم الانتخابية السابقة لأوانها، وذلك عبر محاولاتهم توزيع تلك المساعدات على أنصارهم من الذين سيصوتون لصالحهم في الانتخابات المقبلة، وليس على الفقراء الذين من المفروض أن يستفيدوا من هذه المساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
القصة ليست بعيدة عن مدينة الخميسات، بل أحداثها وقعت في جماعة أيت يدين، التابعة لها، حيث سجلت مهزلة بكل المقاييس في عملية توزيع المساعدات الرمضانية، فبعد عملية توزيع المواد الغذائية الرمضانية، التي توزعها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والتي شابتها خروقات كثيرة، عدنا لنسمع عن مهزلة كبيرة فيما يتعلق بالمساعدات التي توزع من طرف المجلس الجماعي، الذي خلق الحدث بسبب عملية التوزيع التي أثبتت وبما لا يدع مجالا للشك، أن تلك المساعدات لم تقدم لمواجهة العبء الكبير الذي تحمله الطبقات المعوزة التي أنهكها الفقر، وإنما كان الهدف منها البحث عن الأصوات التي تمكنهم من الفوز في الانتخابات المقبلة، في إطار الحملات الانتخابية السابقة لأوانها، فكيف تستهدف هذه العملية الطبقة المعوزة وقد تم منحها لمنتخبين يسارعون إلى توزيعها على من يريدون، وكم من الفقراء من بقي مصدوما من ذلك الذي حدث ..؟ فهل يعقل أن يستفيد موظفون يتقاضون أكثر من 5000 درهم شهريا من المساعدات الرمضانية ..؟ وكيف يعقل أن يستفيد هؤلاء من هذه العملية وهي التي قيل بأنها تستهدف الطبقة الفقيرة والمعوزة ..؟.
ما وقع أثناء عملية توزيع قفة رمضان هذا اليوم يظهر جليا أن مسرحيات المساعدات التي طالما صدعوا بها رؤوسنا هي مجرد تمويه للمغاربة، وفرصة للساسة لإعلان حملاتهم الانتخابية، وفرصة لهم أيضا لبيع الوهم للمواطنين من أجل أن يكونوا في الموعد في الانتخابات الجماعية المقبلة.
من المخجل جدا، أن نرى منتخبين يحملون مساعدات رمضانية فيطلبون من أنصارهم الالتحاق بهم لتوزيعها عليهم في صورة يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان .. في صورة بشعة يستغلون فيها فقر المواطن وضعفه، حيث يجد هذا المواطن نفسه ملزما يوم الاقتراع بالتصويت لصالح هذا الذي منحه تلك القفة الرمضانية، فالبؤساء لا يعتقدون أن ذلك من حقوقهم المشروعة، بل يعتبرونه دينا عليهم من الواجب عليهم رده طبعا في الانتخابات الجماعية المقبلة.
مثل هذه المساعدات الرمضانية التي غالبا ما تكون فرصة لتركيع المواطن وإرغامه على التصويت لصالح السماسرة الذين يستغلون مثل هذه المناسبات للعب بمشاعر المواطنين .. من المفروض أن تكون السلطة حاضرة بقوة لمنع مثل هذه الخروقات التي تسيء إلى بلدنا، وإلى العهد الجديد، عهد الديمقراطية وعهد دستور 2011، خاصة وأننا على أبواب انتخابات، الكل يحرص على أن تكون انتخابات نزيهة، تقطع مع تلك الممارسات المشينة التي تعود بنا إلى الوراء، إلى عقود من الزمان البائد، وقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي.
زر الذهاب إلى الأعلى